الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا الربا فردوه» وفي رواية أنه قال له: «أضعفت أربيت لا تقربن هذا» وفي رواية أنه قال له: «ويلك أربيت» وهذه الروايات تدل على التشديد في بيع الجنس من الأعيان الستة بجنسه مع التفاضل، وقد ذكرت هذه الأحاديث في أول الكتاب فلتراجع ففيها أوضح دليل على أن جميع أنواع الربا محرمة تحريمًا قطعيًا.
وأما الإجماع على تحريم ربا الفضل وربا النسيئة فقد حكاه ابن المنذر وغيره من أكابر العلماء، وقد ذكرت ذلك في أول الكتاب فليراجع (?)، وذكرت قريبا (?) قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع"، وذكرت أيضًا (?) قول الموفق في (المعنى): "إن الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع"، وقال أيضا: "أجمعت الأمة على أن الربا محرم، قال: والربا على ضربين ربا الفضل وربا النسيئة وأجمع أهل العلم على تحريمهما". انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر): "الربا ثلاثة أنواع ربا الفضل وربا اليد وربا النسأ، قال: وزاد المتولي نوعًا رابعًا وهو ربا القرض، قال الهيتمي: وكل من هذه الأنواع حرام بالإجماع وبنص الآيات والأحاديث، وما جاء في الربا من الوعيد شامل للأنواع الأربعة". انتهي.
وفيما ذكرت من أدلة الكتاب والسنة والإجماع على تحريم الربا تحريمًا مطلقًا أبلغ رد على الفتان الذي حاول حصر الربا القطعي في ربا أهل الجاهلية، وحاول تحليل ما سواه من أنواع الربا، وتعامى عن الأدلة المتظافرة من الكتاب والسنة والإجماع على تحريم الربا تحريما مطلقًا يعم جميع أنواع الربا ما كان منه على طريقة أهل الجاهلية وما كان على غير طريقتهم، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وقال -تعالى-: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} فلا يأمن الفتان أن يكون له نصيب وافر مما جاء في هذه الآيات.
ومن شبه الفتان وأباطيله التي لفقها لإضلال الجهال والتلبيس عليهم زعمه أنه .......