بخرصها، وقد أجمع المسلمون على تحريم الربا على وجه العموم الذي يشمل المصارف وغير المصارف.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الفتان قد صرح بتحليل الربا في المصارف دفعًا للحرج على حد زعمه، وقد لفق له شبهًا يُضل بها الجهال ويُلبِّس بها عليهم.
فمنها قوله في المصارف: إنها تخضع لأحكام الشريعة على طريق القياس.
والجواب: أن يقال: إن القياس لا يعمل به مع وجود النص أو الإجماع، وإنما يعمل به عند عدمهما، وقد تظافرت النصوص من الكتاب والسنة على تحريم الربا تحريما مطلقا يتناول جميع أنواع الربا، وأجمع المسلمون على تحريم الربا على وجه العموم، فيجب على المصارف وغيرها من المؤسسات التجارية وغير التجارية أن تخضع لما جاء في نصوص الكتاب والسنة والإجماع ولا تلتفت إلى ما لفقه الفتان من الأباطيل والشبه المضلة، وقد ذكرت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على تحريم الربا في أول الكتاب فلتراجع ففيها أبلغ رد على الفتان وعلى أشياعه من أهل الزيغ والضلال.
ومنها تقسيمه الربا إلى قطعي وغير قطعي، ومراده بالقطعي ربا أهل الجاهلية، وقد كرر القول بأنه هو الربا المجمع على تحريمه، وقد تقدم الرد على هذا القول الباطل قريبًا فليراجع (?).
ومنها زعمه أن المصارف إذا اختلفت عن الربا القطعي ولو في بعض الوجوه فليست محرمة تحريمًا قطعيًا.
والجواب: أن يقال: إن الربا ليس محصورًا في ربا أهل الجاهلية كما قد زعم ذلك الفتان المحارب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - والمخالف لإجماع المسلمين، وإنما ربا أهل الجاهلية نوع من أنواع ربا النسيئة، وكل من ربا النسيئة وربا الفضل محرم تحريمًا قطعيًا، والدليل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله -تعالى-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} إلى آخر الآيات التي فيها النص على محق الربا والأمر بتركه وإيذان من لم يتركه بالحرب من الله