- صلى الله عليه وسلم - عما سيكون في آخر هذه الأمة حيث قال: «وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس» رواه مسلم من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما-، والله المسؤول أن يقيض للفتان وأشباهه من المضلين بأهوائهم من يأخذ على أيديهم ويأطرهم على الحق أطرًا، وما ذلك على الله بعزيز.
فصل
وقد تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الربا، وأجمع المسلمون على تحريمه، وعلى أنه من الكبائر، قال النووي في (شرح المهذب): "وقيل إنه كان محرما في جميع الشرائع، وممن حكاه الماوردي". انتهى.
قلت: ويدل على تحريمه في شريعتي التوراة والإنجيل قول الله -تعالى- مخبرًا عن اليهود: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}، وقوله -تعالى- مخبرًا عن الإنجيل: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ}، وأخبر أيضا عن عيسى في عدة آيات أنه مصدق لما بين يديه من التوراة، فهذا يدل على أن الربا كان محرما في شرع من قبلنا، ولم يأت في القرآن ولا في السنة ولا في إجماع المسلمين ما يدل على التفريق بين المعاملات الربوية في البنوك وغير البنوك، فالتفريق إذا من التحكم المردود على قائله كائنا من كان.
فأما الأدلة من القرآن على تحريم المعاملات الربوية على وجه العموم ففي خمس آيات، منها أربع في سورة البقرة، وهي قوله -تعالى-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}، وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}، الآية الخامسة قول الله -تعالى- في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وقد تضمنت هذه الآيات فوائد كثيرة وأمورًا مهمة تتعلق بالربا والمرابين.