الوجه الرابع: أن يقال: إن ابن القيم -رحمه الله تعالى- لم يذكر شيئا مما أُبيح للمصلحة الراجحة من ربا الفضل سوى العرايا، ولم يذكر غير ذلك إذ لا توجد الرخصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير العرايا، وما سواها فهو باق على المنع والتحريم كما سيأتي بيان ذلك في حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-.
والعرايا هي بيع الرطب في رؤوس النخل خرصا بمثله من التمر كيلا فيما دون خمسة أوسق لمن به حاجة إلى أكل الرطب ولا ثمن معه، وهي مستثناة مما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المزابنة، وهي بيع الثمر على رؤوس النخل بالتمر كيلا، وسيأتي بيان معناها في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وغيره مما سيأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-.
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رخص في بيع العرايا ولم يرخص في غير ذلك، فمن الأحاديث الواردة في ذلك ما في الصحيحين عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ولا تبيعوا الثمر بالتمر» قال سالم: وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رخَّص بعد ذلك في بيع العرايا بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غيره» هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم نحوه، وقال في آخر: «ولم يرخص في غير ذلك» وقد ترجم البخاري لهذا الحديث وأحاديث معه بقوله: "باب بيع المزابنة وهي بيع التمر بالثمر وبيع الزبيب بالكرم وبيع العرايا"، وقد رواه الإمام أحمد مختصرًا ولفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «رخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها ولم يرخص في غير ذلك»، ورواه النسائي ولفظه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا بالرطب وبالتمر ولم يرخص في غير ذلك» وقد رواه الإمام أحمد أيضا والنسائي وابن ماجة مختصرًا جدًا ولفظه عندهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «رخص في العرايا»، ورواه مسلم مختصرًا ولفظه: «رخص في بيع العرايا».
وقد رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلا» وفي رواية لأحمد ومسلم: «رخص في العرية أن تؤخذ بمثل خرصها تمرًا يأكلها أهلها رطبًا».
ورواه الإمام أحمد أيضًا من حديث خارجة بن زيد أن زيد بن ثابت قال: «رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلا» ورواه أبو داود والنسائي بمعناه.
ومن الأحاديث أيضًا حديث بُشَير بن يسار مولى بني حارثة عن سهل بن أبي حثمة -رضي