التعجب من المبالغة في ربا الفضل.
ومن أعظم المبالغات الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من الربا والشديد فيه على وجه العموم الذي يشمل ربا الفضل وربا النسيئة ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» فذكرها ومنها أكل الربا، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وتقدم في أول الكتاب.
ومن أعظم المبالغات أيضا لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه، وقد جاء ذلك في عدة أحاديث ذكرتها في أول الكتاب فلتراجع هناك (?).
ومن أعظم المبالغات أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية» رواه الإمام أحمد والطبراني من حديث عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة.
ومن أعظم المبالغات أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ظهر في قوم الزنا والربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله» رواه أبو يعلي بإسناد جيد من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وروى الحاكم نحوه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وصححه الحاكم والذهبي.
وفي هذا المبالغات الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبلغ رد على ما في كلام ابن القيم -رحمه الله تعالى- من التعجب من المبالغة في ربا الفضل.
وإذا علم هذا فليعلم أيضا أن كل من بالغ من العلماء في النهي عن ربا الفضل والتحذير منه فهو مصيب ومحسن فيما فعل؛ لأنه قد اتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - وتمسك بأقواله، ومن تعجب من مبالغتهم في ذلك فتعجبه مردود عليه.
وقد ثبت عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أنهما كانا ينهيان عن ربا الفضل ويبالغان في النهي عنه، وقد كتب أبو بكر -رضي الله عنه- بالنهي عنه إلى أمراء الأجناد حين قدموا الشام، وخطب عمر -رضي الله عنه- بذلك على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحضرة الصحابة -رضي الله عنهم- وتوعد من فعل ذلك بالعقوبة الموجعة في نفسه وماله، وقد ذكرت قريبا ما رواه الطحاوي عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- وذكرت أيضا أنه لم يعرف لأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- مخالف من الصحابة -رضي الله عنهم-، وهذا يدل على موافقتهم لهما، وذكرت أيضا ما رواه الطحاوي عن علي بن أبي ......................