إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فليس لأحد مع الله - عز وجل- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أمر ولا وهوى". انتهى.
فصل
وقال الفتان: حقيقة لا تحتاج إلى دليل. "من خلال دراسة مفهوم الربا في السنة المطهرة يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن الربا المحرم الذي لا شك فيه هو الربا الذي ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع والتي هي آخر مرة خاطب فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته حيث قال: «ألا وإن ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب» ونحن نعرف أن ربا الجاهلية باتفاق العلماء هو الربا الذي نزل فيه القرآن الكريم وخصيصته هي أن يقول صاحب الدين للمدين عند حلول أجل الدين إما أن تقضي وإما أن تربي فإن لم يقض زاد المدين المال وزاد الدائن الأجل".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن الحقيقة التي زعمها الفتان ليست بحقيقة عند التحقيق، وإنما هي حقيقة في اتباع الهوى وما يدعو إليه الشيطان من استحلال ربا الفضل وربا النسيئة أيضا سوى الربا الذي يقول فيه الدائن للمدين إما أن تقضي وإما أن تربي، فهذه هي الحقيقة التي طنطن بها الفتان وزعم أنها لا تحتاج إلى دليل.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الحقيقة التي لا تحتاج إلى دليل هي ما وقع فيه الفتان من مشاقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتباع غير سبيل المؤمنين الذين يحرمون ما حرمه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من الربا على وجه العموم، وسواء في ذلك ربا الجاهلية وربا الفضل وربا النسيئة الذي ليس على طريقة أهل الجاهلية، وقد تواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن الربا على وجه العموم فلتراجع في أول الكتاب (?) ليعلم ما فيها من النصوص الدالة على تحريم ربا الفضل وربا النسيئة تحريما مطلقًا، وليعلم أيضا أن الفتان لم يعبأ بأقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن ربا الفضل وربا النسيئة الذي ليس على طريقة ربا الجاهلية، ولم يبال باطراحها ونبذها وراء ظهره.
الوجه الثالث: أن يقال: إن حقيقة الفتان حاصلها التفريق بين الله ورسوله .........