تحريم الربا، وقد روى ابن بطة بإسناد جيد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل»، وفي ارتكاب الفتان لما ارتكب اليهود من استحلال محارم الله بالحيل دليل على أنه قد أمن مكر الله وقد قال الله -تعالى-: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}، فلا يأمن الفتان والمساعدون له على استحلال الربا أن يصيبهم مثل ما أصاب المعتدين في السبت، فقد قال الله -تعالى-: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}، قال الزجَّاج في قوله -تعالى-: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}: "لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن ينتهكوا من حرم الله ما نهاهم عنه فيصيبهم ما أصاب أصحاب السبت إذ انتهكوا حُرَم الله في سبتهم".
فصل
وفي نشر لفتان لكتابته في استحلال الربا وعدم مبالاته بما يترتب على ذلك من محاربة الله ورسوله ومخالفة القرآن والسنة وإجماع المسلمين وغير ذلك من الكبائر العشر التي تقدم ذكرها دليل على أنه لا حياء عنده، ومن لا حياء عند فلا خير فيه، وقد روى الإمام أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجة عن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، ومعناه على أحد الأقوال: أن من لا يمنعه الحياء فإنه يقول ويفعل ما يشاء ولا يبالي بما يترتب على ذلك من الذم له والتجريح لعدالته.
فصل
وقد قام بعض الجهال الأغبياء بطبع ما كتبه الفتان في استحلال الربا وتوزيعه على الناس، وهؤلاء شركاء للفتان في جميع ما اشتملت عليه كتابته من الكبائر؛ لأن الراضي بالذنب كفاعله، وهؤلاء قد جمعوا بين الرضا بما كتبه الفتان في استحلال الربا وزادوا على الرضا بالإعانة على طبعه ونشره، فهم أعظم جرما ممن رضي به ولم يعن على طبعه ونشره، وقد روى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل بعير تردى في بئر فهو ينزع منها بذَنَبِهِ»، وقد رواه أبو داود بنحوه مرفوعا وموقوفًا، قال