فإذا قالوا: "يُعجبني ضَربُ زيدٍ وتَغْضَبَ" فقال قوم: نُصِبَ "تَغْضبَ" عَلَى إِضمار "أنْ" معناه وأن تغضب فيصيرُ فِي معنى المصدر. كأنك قلتَ "يعجبني ضَرْبُ زيد وغضَبُك" فتخرج بذلك من أن تكون ناسِقَةً فعلاً عَلَى اسم. ويقولون1:
للُبْس عباءة وتَقَرَّ عيني
بمعنى وأن تقرّ عيني. فإن نَسَقْت فعلاً عَلَى فعل مجموعين فإعرابهما واحد هو "يقوم ويضرب زيداً" فإن لَمْ تُرِد الجمعَ بَيْنَهما نصبتَ الثاني فيقال نَصبَ بإضمار "أنْ" يقولون: "لا تأكلِ السمك وتشربَ اللبنَ" و2:
لا تَنْهَ عن خُلُق وتَأتيَ مِثْلَهُ
وتكون بمعنى الباء فِي القَسَم نحو "والله".
وتكون الواو مُضْمَرَة في مثل قوله جل ثناؤه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا} 3 التأويل: ولا على الذين إذا ما أَتوك لتحملهم وقلت: لا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ تولوا. فجواب الكلام الأول تولّوا.
وتكون بمعنى "رُبّ". نحو "وَقَاتِم الأعْماقِ".
وتكون بمعنى "مَعَ" كقولهم "اسْتَوى الماءُ والْخشَبة" أي مع الخشبة وأهل البصرة يقولون فِي قوله جلّ ثناؤه: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} 4 معناها مع شركائكم. كما يقال: "لو تُركت الناقة وفَصيلها" أي مع فصيلها.
وقال آخرون: أجْمِعوا أمركم وادعوا شركاءكم، اعتباراً بقوله جلّ وعزّ: {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ} 5.