وربما سموا الشحم "ندىً" لأن الشحم عن النبت، والنبت عن الندى قال ابن أَحْمَرَ1:
كثور العداب2 الفَرْد يَضْرِبه النَّدى ... تَعَلَّى النَّدى فِي متنه وتَحَدَّرا
ومن هَذَا الباب قول القائل: "قَدْ جعلتُ نفسي فِي أديمِ".
أراد بالنفس الماء وذلك قِوامَ النفس بالماء.
وذكر ناس أنّ من هذا الباب قوله جل ثناؤه: {أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} 3 يعني خلق. وإنما جاز أن يقول أنزل لأن الأنعام لا تقوم إِلاَّ بالنبات والنبات لا يقوم إِلاَّ بالماء، والله جلّ ثناؤه ينزل الماء من السماء. قال: ومثله: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} 4 وهو جلّ ثناؤه إنما أنْزَلَ الماء، لكن اللباس من القطن، والقطن لا يكون إِلاَّ بالماء. قال: ومنه قوله جلّ ثناؤه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} 5 إنما أراد -والله أعلم- الشيء يُنْكَحُ بِهِ من مَهْر ونَفقة، ولا بد للمتزوج بِهِ منه.