...
باب القول على أن لغة العرب لن تنته إلينا بكليتها:
وأن الَّذِي جاءنا عن العرب قليل من كثير وأن كثيراً من الكلام ذهب بذهاب أهله:
ذهب علماؤنا أَوْ أكثرهم إِلَى أنّ الَّذِي انتهى إلينا من كلام العرب هو الأقلّ. ولو جاءنا جميعُ ما قالوه لجاءنا شعرٌ كثيرٌ وكلام كثير.
وأحر بهذا القول أن يكون صحيحاً. لأنّا نرى علماء اللغة يختلفون فِي كثير مما قالته العرب، فلا يكاد واحد منهم يُخبّر عن حقيقة مَا خولف فيه، بل يسلك طريق الاحتمال والإمكان.
ألا ترى أنَّا نسألهم عن حقيقة قول العرب فِي الإغراء "كَذَبك كذا" وعما جاء فِي الحديث من قوله: "كَذَبَ عليكم الحَجُّ" و"كَذَبَك العَسَلُ" وعن قول القائل1:
كذبتُ عليكم أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا ... بيَ الأرضَ والأقوامَ قِرْدانَ مَوْظَبَا
وعن قول الآخر2:
كَذَبَ العَتِيقُ وماءُ شَنٍّ باردٌ ... إِن كنت سائلتي غَبُوقاً فاذهب