قول الله جلّ ثناؤه فِي قصة من قال: لا تأخذ بلِحْيتي ولا بِرَأْسي- وأنهم يُسمُّون الذّيب "القِلوْبَ" مع قوله: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} 1ويسمون الأصابع "الشنَّاتر" وَقَدْ قال الله جلّ ثناؤه: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} 2 وأنهم يسمّون الصَّديق "الخِلْمَ" والله جل ثناؤه يقول: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} وَمَا أشبه هَذَا. فليس اختلافُ اللُّغات قادِحاً فِي الأنساب.
ونحن -وإن كنا نعلم أن القرآن نزل بأفصح اللغات- فلسنا نُنكر أن يكون لكلّ قوم لغة. مع أن قحطان تذكر أنهم العرَب العارِبة، وأن مَن سواهم العرَب المَتَعَرِّبة، وأن إسماعيل عَلَيْهِ السلام بلسانهم نَطق، ومن لغتِهم أخَذَ، وإنَّما كَانَتْ لغةُ أبيه -صلى الله عليه وسلم- العِبرية وَلَيْسَ ذا موضوعَ مفاخَرة فنَستَقصي.
ومما يُفسد الكلام ويَعيبُه الخزْمُ ولا نريد بِهِ الخزْمَ المستعمل فِي الشعر، وإنما نريد قولَ القائل3:
ولئنْ قومٌ أصابوا غِرَّةً ... وأصِبْنا من زمان رَقَقا
لَلَقَدْ كُنَّا لدى أزماننا ... لِشَريجَيْنِ لباسٍ وتُقى
فزاد لاماً عَلَى "لقد" وهو قبيح جداً.
ويزعُم ناسٌ أن هَذَا تأكيد كقول الآخر4:
فَلا والله لا يُلْفَى لِما بي ... ولا لِلِما بهم أبداً دَوَاءٌ
فزاد لاماً عَلَى "لِمَا" وهذا أقبح من الأول. فأما التأكيد فإن هَذَا لا يزيد الكلام قُوة، بل يقبّحه. ومثله قول الآخر5:
وصالياتٍ كَكَما يوثفين
شوكل ذا من أغالِيطِ من يغلَط، والعرَب لا تعرِفهُ.