أصلاً، لأنه لَمْ تكن للتثنية ها هنا علامة إِلاَّ النون وحدها، فإذا حذفت أشبهت الواحد لذهاب علامة التثنية.
ومنها: الاختلاف فِي صورة الجمع نحو"أسرى" و"أُسارى".
ومنها: الاختلاف فِي التحقيق والاختلاس نحو: "يأمُرُكم" و"يأمُرْكم" و"عفِي لَهُ" و"عفْي لَهُ".
ومنها: الاختلاف فِي الوقف عَلَى هاء التأنيث مثل "هَذِهِ أُمَّهْ" و"هَذِهِ أمَّتْ".
ومنها: الاختلاف فِي الزّيادة نحو: "أَنْظُرُ" و"أَنظورُ". أنشد الفراء1:
الله يعلم أَنَّا فِي تلفُّتنا ... يوم الفراق إِلَى جيراننا صُورُ
وأنَّني حَيْثُ مَا يَثْنِي الهوى بَصري ... من حَيْثُ مَا سلكوا أدنو فأنظورُ
وكلّ هَذِهِ اللغات مسماة منسوبة إِلَى أصحابها، لكن هَذَا موضع اختصار، وهي -وإن كَانَتْ لقوم دون قوم- فإنها لما انتشرت تَعاوَرَها كلٌّ.
ومن الاختلاف: اختلاف التضادِّ، وذلك قول حِمْيَر للقائم "ثبْ" أي اقعد.
فحدثنا علي بن إبراهيم القطَّان عن المفسر عن القتيبي عن إبراهيم بن مسلم عن الزبير عن ظَمْياء بنت عبد العزيز بن مَوألة قالت: حدثني أبي عن جدّي موألة أن عامر بن الطُّفيْل2 قدم عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَوَثَّبَهُ وِسادة، يريد فرشه إياه وأجلسه عَلَيْهَا.
والوِثاب: الفراش بلغة حِمْيَر. قال: وهم يسمّون الملك إِذَا كَانَ لا يغزو "موثَبان" يريدون أن يطيل الجلوس ولا يغزو، ويقولون للرجل "ثب" أي اجلس.
وروي أن زيد بن عبد الله بن دارِم وفد عَلَى بعض ملوك حِمْيَر فألْفاه فِي مُتَصَيَّد لَهُ عَلَى جبل مُشْرِف، فسلم عَلَيْهِ وانتسب له، فقال لَهُ الملك "ثب" أي اجلس، وظن الرجل أنه أمره بالوثوب من الجبل فقال: "لتجدني أَيُّها الملك