النابغة1:

فإني لا أُلامُ على دخول ... ولكن ما وراءَكَ يا عِصَامُ

يقول: لا ألام على ترك الدخول، لأنّ النُّعمان قد كان نذر دمَه متى رآه، فخاطب بهذا الكلام حاجبه. وقال الأعشى2:

اأزمَعْتَ من آل ليلى ابتِكاراً ... وشَطَّتْ على ذي هوىً أن تُزارا

ظاهِرُ هذا: أازمعتَ أن تبتكر منهم. وإنّما المعنى: أأزمعت من أجل آل ليلى وشوقك إليهم أن تبتكر من أهلك? لأنه عزم الرحلة إليها لا عنها، ألا تراه يقول3:

وبانَتْ بها غَرَبات النَّوى ... وبُدّلتُ شوقاً بها وادِّكارا

وفي كتاب الله جل ثناؤه: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا} 4 التأويل: لا يستأْذنك الذي يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يقعدوا عن الجهاد.

باب التعويض:

من سُنن العرب التَّعْوِيض وهو إقامة الكلمة مقامَ الكلمة. فيقيمون الفعلَ الماضي مقامَ الراهن، كقوله جلّ ثناؤه: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} 5 المعنى: أم أنت من الكاذبين. ومنه {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} 6 بمعنى: أنتَ عليها.

ومن ذلك إقامة المصدر مقامَ الأمر، كقوله جلّ ثناؤه: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} 7 والسُّبْحة: الصلاة. يقولون: "سَبّحْ سبحة الضحى".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015