باب العموم والخصوص:

العامُّ الذي يأتي على الجملة لا يغادر منها شيئاً. وذلك كقوله جلّ ثناؤه: {خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} 1 وقال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 2.

والخاصُّ الذي يتحلّل فيقع على شيء دون أشياء. وذلك كقوله جلّ ثناؤه: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} 3 وكذلك قوله {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} 4 فخاطب أهلَ العقلِ.

وقد يكون الكلامان متّصلين، ويكون أحدهما خاصاً والآخر عامّاً. وذلك قولك لمن أعطى زيداً درهماً: "أعْط عمراً، فإن لم تفْعل فما أعطيتَ" تريد: إن لم تُعطِ عمراً فأنت لم تعطِ زيداً أيضاً، وذلك غير محسوب لك. ومثله في كتاب الله جلّ ثناؤه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} 5 فهذا خاص، يريد: هذا الأمر المجدَّد بَلِّغْه، فإن لم تفعل ولم تبلغ هذا فما بلغت رسالته. يريد: جميع ما أرسلتَ به.

وأمّا العامُّ الذي يراد به الخاصُّ فكقوله جل ثناؤه حكاية عن موسى عليه السلام: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} 6 ولم يرد كلَّ المؤمنين؛ لأن الأنبياء قبله قد كانوا مؤمنين. ومثله كثير. ومنه {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} 7, وإنّما قاله فريق منهم. و {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} 8, إنما قاله نُعَيْم بن مسعود إن الناس أبو سفيان وعيينة بن حِصْن. ومنه قوله جلّ ثناؤه: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} 9 أراد: الآيات التي إذا كذّب بها نزل العذاب على المكذِّبين وكذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015