وربّما كان اللفظُ خبراً والمعنى شرطٌ وجزاء، نحو قوله: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} 1 فظاهره خبر، والمعنى: إنّا إن نكشف عنكم العذاب تعودوا. ومثله {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} 2 المعنى: مَن طلّق امرأته مرتين فليُمْسِكها بعدهما بمعروف أو يسرّحها بإحسان.
والذي ذكرناه في قوله جل ثناؤه: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} 3 فهو تبكيت وقد جاء في الشعر مثله. قال شاعر يهجو جريراً:
أبلغْ جريراً وأبلغ مَن يُبَلّغُه ... أني الأغرُّ وأني زهرةُ اليَمَنِ
فقال جريرٌ مبكّتاً له4:
ألم تكن في وُسُوم قد وَسَمْتُ بها ... من حَانَ موعظةٌ يا زهرةَ اليَمَنِ
ويكون اللفظ خَبَراً، والمعنى دعاء وطلب مَرّ في الجملة. ونحوه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 5 معناه فأعِنّا على عبادتك. ويقول القائل: "أستغفر الله" والمعنى: اغْفِرْ. قال الله جلّ ثناؤه: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} 6 ويقول الشاعر7:
استغفرُ اللهَ ذنبا لست محصيه ... رب العباد إليه الوَجهُ والعملُ
باب الاستخبار:
الاستخبارُ طلب خُبْر ما ليس عن المستخبر، وهو الاستفهام.
وذكر ناس أن بين الاستخبار والاستفهام أدنى فرق. قالوا: وذلك أن أولى الحالين الاستخبار لأنك تستخبر فتجابُ بشيء، فربّما فهمته وربّما لم تفهمه، فإذا سألت ثانيةً فأنت مستفهم تقول: أفهمْني ما قتله لي. قالوا: والدليل على ذلك أن