لَيْسَ بشيء: قال الله جلّ ثناؤه: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} 1 فأين التحقير ها هنا؟
والذي قاله الفرّاء صحيح، وحجته قوله -صلى الله عَلَيْهِ وسلم: "إنّما الولاء لمن أعتق".
باب إلاّ:
أصل الاستثناء أن تَستثني شيئاً من جملة اشتملت عَلَيْهِ فِي أول مَا لفظ به، وهو قولهم: "مَا خرج الناسُ إلا زيداً" فقد كَانَ "زيد" فِي جملة الناس ثُمَّ أُخرج منهم، ولذلك سمي "استثناءً لأنه ثُنِّيَ ذكره مرةً فِي الجملة ومرّة فِي التفصيل. ولذلك قال بعض النحويين: المستثنى خرج مما دخل فيه، وهذا مأخوذ من "الثِّنَا" والثِّنا الأمر يثَّنى مرّتين: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا ثِنا فِي الصدقة" 2 يعني لا تؤخذ فِي السنة مرتين. قال أوس3:
أفي جَنْب بَكْرٍ قطَّعَتْني ملامةً ... لَعَمري لقد كَانَتْ ملامتها ثِنَا
يقول: لَيْسَ هَذَا بأولّ لومها، فقد فعلَتْه قبل هذا، وهذا ثِنًا بعده.
وقال بعض أهل العلم: "إلا" تكون استثناء لقليل من كثير، نحو "قام الناسُ إلا زيداً". وتكون محققة لفعلٍ مَنفيّ عن اسم قبلها، نحو "مَا قام أحد إلا زيد". وتكون بمعنى "واو العطف" كقوله4:
وأرى لَهَا داراً بأغدرة السيِّـ ... ـدَانِ لَمْ يَدْرُس لَهَا رسمُ
إلا رَماداً هامداً دفعت ... عنه الرِّياحَ خوالِدٌ سُحْمُ
أراد "ورماداً".
وتكون بمعنى "بل" كقوله جلّ ثناؤه: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً} 5 بمعنى "بل تذكرة". ومنه قوله عزّ وجلّ: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ