العدالة

إذاً: هذه شروط ثلاثة: الإسلام والبلوغ والذكورة، ولا يتفاضل فيها أحد من الصحابة على أحد، ثم يأتي شرط هام، شرط العدالة: الصحابة جميعاً عدول باتفاق العلماء، والعلماء يعرفون العدالة فيقولون: العدالة هي ملكة في الشخص تحمله على ملازمة التقوى والمروءة، وانتبه لكلمة (ملازمة)، فملازمة التقوى والمروءة يعني: أن يكون في حالة مستديمة من التقوى والمروءة، والتقوى وإن كانت من الأعمال التي تحتاج إلى توافق بين الظاهر والباطن وبين السر والعلن إلا أن التقوى التي يبنى عليها شرط العدالة هي التي يراها الناس فقط، يعني: لا نختار الخليفة على أساس القلب؛ فليس لأحد أن يطلع على قلب أحد، ومن هذا المنطلق فإن تعريف التقوى المطلوب في الخليفة هو: اجتناب الأعمال السيئة من الشرك والفسق والبدعة، فلا يأتي بأي عمل من أعمال الشرك، ولابد أن يجتنب الأمور التي يتهم صاحبها بالفسق، يعني: لا ينفع أن يكون لا يصلي، ولا ينفع أن يكون لا يدفع الزكاة، ولا ينفع أن يكون لا يصوم رمضان، ولا ينفع أيضاً أن يكون فاعلاً للكبائر الأخرى مثل شرب الخمر أو الزنا أو المجاهرة بفحش القول أو العمل أو القتل بغير حق أو الاستهزاء بالدين.

أيضاً لابد أن يجتنب البدعة، فضلاً عن أن يدعو إليها، فلابد أن يتصف بالتقوى والمروءة.

والمروءة يعرفها العلماء: أنها التنزه عن الخسائس والنقائص التي قد تكون مباحة، يعني: ممكن أن تكون حلالاً لكن لا تصح في حق الخليفة، هذه أيضاً ترتبط بالشرع وترتبط بالعرف، فمثلاً: كثرة المزاح وضياع الهيبة هذه أشياء تسقط مروءة الرجل وإن كان صادقاً في مزاحه، وطبعاً الموضوع فيه تفصيل كبير ليس المجال الآن لشرح هذا التفصيل.

فشرط العدالة يقتضي أن يكون الخليفة تقياً صاحب مروءة، وإن كنا قد ذكرنا أن الصحابة كلهم عدول من هذه الوجهة إلا أنه من الواضح والمعلوم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه هو أكثرهم عدالة وأعظهم تقوى وأشدهم مروءة؛ لما سبق من الأحاديث، ولشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالإيمان والصحبة والدرجة العالية في الجنة.

ثم تأتي بعد هذا الشرط شروط في غاية الأهمية، هذه الشروط تحتاج منا إلى بعض البحث في أحوال الصحابة؛ لنرى من هو أصلح الناس على ضوء هذه الشروط لتولي الخلافة، والشروط المتبقية ثلاثة: الشرط الأول: الشجاعة والقوة والنجدة.

الشرط الثاني: العلم والدراية بأمور الفقه والدين والحياة بصفة عامة.

الشرط الثالث: حسن الرأي وحسن الإدارة والحكمة في المفاضلة بين الأمور.

وهناك شرط رابع تكلمنا عليه قبل، وهو شرط أن يكون من قريش، وهذا الشرط استثنى الأنصار كما ذكرنا وفصلنا فيه في الدرس السابق.

تعالوا بنا نتعرف على هذه الشروط الثلاثة وأين موقع الصديق منها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015