ولقد اخترت حدثاً هاماً جليلاً عظيماً من أحداث التاريخ الإسلامي، آثرت أن أفرد له مجموعة من المحاضرات حتى ندرسه ونفقهه ونحلله، ثم نتحرك به خطوات -إن شاء الله- إلى الأمام، هذا الحدث الجليل هو استخلاف الرجل الجبل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه على المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولاحظوا أنني أقول: استخلاف أبي بكر الصديق فقط، ولا أقول: إني سأتحدث عن خلافة أبي بكر الصديق؛ فهذا حديث يطول ويتشعب.
لكني فقط في هذه المجموعة أتحدث عن قصة الاستخلاف، وكيف تم اختيار الصديق رضي الله عنه وأرضاه خليفة للمسلمين؟ وما هي الخطوات؟ وما هي التبعات؟ وماذا حدث في سقيفة بني ساعدة؟ وماذا أثير حولها من شبهات من المستشرقين وأحبابهم؟ والحق أني أذكر لكم أن كثيراً من الإخوة المتابعين لهذه المحاضرات قد تعجبوا من إفراد مجموعة كاملة من المحاضرات لهذا الحدث، فهم يعدونه حدثاً قصيراً بسيطاً في التاريخ؛ لأن هذا الحدث تم في أقل من يوم واحد، فيقولون: لماذا نحن سنأخذ عشرة أيام أو عشرين يوماً في شرح حدث تم في يوم واحد أو في ساعة واحدة وتاريخ المسلمين أربعة عشر قرناً من الزمان؟ يعني: على هذا نحن محتاجون إلى حوالي ألف سنة أو ألفي سنة من أجل أن نذكر التاريخ الإسلامي.
والحقيقة أننا لن نفرد مثل هذا الوقت الطويل لكل الأحداث غير هذا الحدث؛ لأن هذا الحدث في غاية الأهمية، ولماذا هذا الحدث بالذات؟ أجيب عن هذا السؤال بنقاط خمس: