الدرس الثامن: أنه سيظل لهذا الدين أعداء إلى أن تقوم الساعة، وهذه سنة من سنن الله عز وجل، وسيظل الصراع بين الحق والباطل، وسيظل التزييف والتزوير والتحريف والتبديل من أقوى أسلحة الباطل، ولا يُعذر المسلمون الصادقون بالجهل في مثل هذه المواطن.
وهذه حرب صريحة معلنة ولا بد من الاستعداد لها، فكما زوروا وحرّفوا لابد أن يوجد من يصحح ويعدل، فتشويه الإسلام يحدث من أول أيام البعثة النبوية الشريفة، فقد قال الكافرون على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أقوالاً ما كانوا هم أنفسهم يصدّقونها، قالوا: ساحر، وقالوا: كاهن، وقالوا: شاعر، وقالوا: مجنون، لكن كان التوضيح والتعديل والتبيين مسايراً لهذا التزوير، بل ومتفوقاً عليه، فوقف الإسلام على قدميه، ومرت الأيام ودارت دورات التاريخ وظهر من يطعن في نزاهة الصحابة وفي أصول الدين، ظهرت فرق كثيرة ضالة أشاعت أشياء ما أنزل الله بها من سلطان، وتصدى لها من المسلمين علماء أجلاء دافعوا عن الدين، ودافعوا عن رجاله، ثم ظهرت حركة الوضع في الأحاديث النبوية والافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعمّد الكذب عليه فظهر علماء الجرح والتعديل، وظهر علم الرجال، ونخلوا الأحاديث نخلاً فصححوا الصحيح، وحسّنوا الحسن، وضعّفوا الضعيف، واستبان المسلمون بذلك أمرهم، واهتدوا إلى الصراط المستقيم.
ثم ها هي حملة الاستشراق وحملة العلمانية وحملة الجهّال الذين يتكلمون في الدين بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ها هي تتناول تاريخ الإسلام ورجال الإسلام ودين الإسلام بكل ما هو قبيح وشنيع، ولابد للمسلمين الصادقين من وقفة كوقفة أسلافهم، فالدفاع عن تاريخ الإسلام وعن رجال الإسلام دفاع عن الدين، وعلى قدر جهد وفكر وإنفاق وإعداد المحاربين لهذا الدين لا بد أن يكون جهد المسلمين أو يزيد، ليس هذا هو جهد العلماء فقط، بل هو جهد الآباء والمدرسين وأساتذة الجامعات وأئمة المساجد والدعاة إلى الله عز وجل، والمتعلمين بصفة عامة، قال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية)، وقال: (نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها فرب مبلّغ أوعى من سامع)، وقال: (من كان عنده علم فليظهره، ومن وصل إليه علم فليصل به إلى غيره)، قال عز وجل: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21].