ولرسوله الخليفة الصديق وخليفة الخليفة الفاروق" ولعمري أن مكانهما في الإسلام لعظيم، وإن المصائب بهما لجرح في الإسلام شديد يرحمهما الله، وجزاهم الله بأحسن ما عملا" (?).
وروى الطوسي (?) عن علي أنه لما اجتمع بالمهزومين في الجمل قال لهم:
فبايعتم أبا بكر، وعدلتم عني، فبايعت أبا بكر كما بايعتموه ... .. ، فبايعت عمر كما بايعتموه فوفيت له بيعته ... .. فبايعتم عثمان فبايعته وأنا جالس في بيتي، ثم أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره لأحد منكم [هل الخلافة منصوصة؟ وفيه دليل واضح أن علي بن أبي طالب لم يكن يعتقد بأن الخلافة والإمامة لا تنعقد إلا بنص و"إن الإمامة عهد من الله عز وجل معهود من واحد إلى واحد" (الأصول من الكافي، كتاب الحجة ج1 ص277).
"وإنه عهد من رسول الله إلى رجل فرجل" (الأصول من الكافي ج1 ص277).
وانظر لتفصيل ذلك كتب القوم "أصل الشيعة وأصولها" لمحمد حسين آل كاشف الغطاء، و"الاعتقادات" لابن بابويه القمي، و"الألفين" للحلي، و"بحار الأنوار" للمجلسي وغيره.
لأنه لو كان يعتقد هذا لما اعتقد لأبي بكر الخلافة، ولم يدخل في مستشاريه وفوق ذلك لم يقل لأهل الجمل هذه الجمل التي نقلناها منه "ثم أتيتموني غير داع لكم" ولأنه لو كان إماماً من الله لم يزل دعوتهم إليه، ولم يقل لهم قبل ذلك حينما دعوه إلى البيعة له بعد قتل عثمان ذي النورين رضي الله عنه: دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول - إلى أن قال - وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً" (كلام علي لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان، نهج البلاغة خطبه 92 ص136 ط بيروت).
وهل هناك دليل أصدق من كلامه بأنه لم يكن يريد الخلافة التي يعد الشيعة منكريها أكفر من اليهود والمجوس والنصارى والمشركين كما يقول مفيدهم: اتفقت إمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة، وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر، مستحق للخلود في النار" (?).
ويقول الكليني محدثهم الأكبر: إن قول الله تعالى: "سأل سائل بعذاب واقع للكافرين (بولاية علي) ليس له دافع" هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد - صلى الله عليه وسلم - " (?).
وقال منتسباً كذباً وزوراً إلى محمد الباقر أنه قال: إنما يعيد الله من يعرف الله، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالاً، قلت: جعلت فداك، فما معرفة الله؟ قال: تصديق الله عز وجل وتصديق رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وموالاة علي والائتمام به وبأئمة الهدى عليهم السلام، والبراءة إلى الله عز وجل من عدوهم (?).
وعلى ذلك يقول الصدوق ابن بابويه القمي مصرحاً: اعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحداً من بعده من الأئمة إنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء، وأنكر نبوة نبينا محمد" (?).
فما العمل حينما علي بن أبي طالب نفسه ينكر الإمامة، والنص من أقدس كتب القوم، الذين ينكرون القرآن، ويقولون بالتحريف والتغيير والتبديل فيه (كما بيناه بالأدلة الواضحة والبراهين القاطعة من كتب القوم أنفسهم في كتابنا "الشيعة والسنة" عملاً بقول القائل: من فمك أدينك).
نعم! من أقدس كتبهم ألا وهو "نهج البلاغة" حيث يقول على المرتضى رضي الله عنه نفسه عن نفسه أن أكون مقتدياً خير لي من أن أكون إماماً، فلنكرر قوله مرة ثانية: دعوني، والتمسوا غيري، فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً" (?).
ويؤيد ذلك أن علياً لم يكن يرى الأمر كما يراه المتزعمون لولايته ما رواه ابن أبي الحديد عن عبد الله بن عباس أنه قال: خرج علي عليه السلام على الناس من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه، فقال له الناس: كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا حسن؟ قال: أصبح بحمد الله بارئاً قال: فأخذ العباس بيد علي، ثم قال: يا علي! أنت عبد العصا بعد ثلاث أحلف لقد رأيت الموت في وجهه، وإني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب، فانطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاذكر له هذا الأمر إن كان فينا أعلمنا، وإن كان فير غيرنا أوصى بنا، فقال: لا أفعل والله إن منعناه اليوم لا يؤتيناه الناس بعده، قال: فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك اليوم" (?).
وقد نص ابن أبي الحديد بعد ذكر أخبار السقيفة وبيعة أبي بكر "واعلم أن الآثار والأخبار في هذا الباب كثيرة جداً ومن تأملها وأنصف علم أنه أنه لم يكن هناك نص صريح ومقطوع لا تختلجه الشكوك، ولا يتطرق إليه الاحتمالات" (?).
وقال أيضاً رضي الله عنه مخاطباً طلحة والزبير، والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها" (?).
هذا ومثل ذلك روى نصر بن مزاحم (?) الشيعي أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أرسل حبيب بن مسلمة الفهري وشرحبيل بن سمط ومعن بن يزيد ليطالبوه بقتلة عثمان ذي النورين رضي الله عنه، فرد عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد الحمدلة والبسملة "أما بعد! فإن الله بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنقذ به من الضلالة وأنعش به من المهلكة وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، ثم استخلف أبو بكر عمر وأحسنا السيرة، وعدلا في الأمة .. ثم ولي أمر الناس عثمان، فعلم بأشياء عابها الناس عليه، فسار إليه ناس فقتلوه، ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمرهم، فقالوا لي: بايع، فأبيت عليهم، فقالوا لي: بايع، فإن الأمة لا ترضى إلا بك، وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس، فبايعتهم" (?) ... فبايعتموني كما بايعتم