قرب العشرين وبعضهم أشد من بعض وذلك لاختلافهم في مقدار الأكل من ذلك، ونجا أكثرهم بالقيء إلا شيخنا فإنه لما عرضت له حالة الاستفراغ أمسك شديداً حفظاً لبقية الأصحاب عن الوحشة والاضطراب. فبقاء ذلك الطعام في جوفه أثر عليه كما أخبرني به بعد يومين من ورودنا كربلا قال: إني أحسن بجوفي قطعة حجر لا تتحرك عن مكانتها. وفي عودتنا إلى النجف عرض له القيء في الطريق لكنه لم يجده، وابتلي بالحمى وكان يشتد مرضه يوماً فيوماً إلى أن توفي في ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الثانية (1320) ودفن بوصية منه بين العترة والكتاب يعني في الإيوان الثالث عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف من باب القبلة وكان يوم وفاته مشهوداً جزع فيه سائر الطبقات ولا سيما العلماء. ورثاه جمع من الشعراء وأرخ وفاته آخرون منهم الشاعر الفحل الشيخ محمد الملا التستري المتوفى (1322) قال:
مضى الحسين الذي تجسد من
نور علوم من عالم الذر
قدس مثوى منه حوى علماً
مقدس النفس طيب الذكر
أوصافه عطرت فأنشقنا
منهن تأريخه (شذى العطر)
ولجثمانه كرامة، فقد حدثني العالم العادل والثقة الورع السيد محمد بن القاسم الكاشاني النجفي قال: لما حضرت زوجته الوفاة أوصت أن تدفن إلى جنبه ولما حضرت دفنها - وكان ذلك بعد وفاة الشيخ بسبع سنين - نزلت في السرداب لأضع خدها على التراب حيث كانت من محارمي لبعض الأسباب، فلما كشفت عن وجهها حانت مني التفاتة إلى جسد الشيخ زوجها فرأيته طرياً كيوم دفن، حتى أن طول المدة لم يؤثر على كفنه ولم يمل لونه من البياض إلى الصفرة.