التي بدت عند بعض أتباعها والمتأثرين بها كأنها مقصد من أهم مقاصدها، والواقع أن الصوفية لم تكن مستهدفة لذاتها، ولكن الذي استهدفته الدعوة هو انحرافات التصوف لا التصوف نفسه، الذي يقوم في لبه وأصله الأول على الزهد وعلى مغالبة الشهوات. فمهاجمة التصوف مسألة فرعية جاءت ضمن محاربة ابتداعات المبتدعة فيما يعارض التوحيد، ولم تهاجم إلا في هذه الحدود.

والواقع أن الصوفية يجب أن يفرق فيها بين منهجين:

أحدهما: منهج في السلوك يأخذ بيد المنحرفين البعيدين عن الصراط المستقيم يتدرج بهم حتى يضعهم على المحجة البيضاء، ويتدرج بالمستقيمين على طريق الدين في رياضات روحية تسمو بهم حتى تخلصهم من سلطان الشهوات على اختلافها، شهوة البطن وشهوة الفرج وشهوة الجاه والسلطان وحب المال وهذا المنهج مفيد لا بأس في أكثره.

والمنهج الآخر: منهج في الفكر والمعرفة، يخوض في عالم الغيب ويقول فيه بغير دليل، ويغامر في اقتحام مجاهيل محجوبة عن علم الناس يضر الخوض فيها ولا يفيد، وأكثره مفسد للعقيدة يشوبه خلطٌ كثير، يزعزع الإيمان1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015