النوع الرابع: من سلم من هذا كله, ولكن أهل بلده مصرحون بعداوة التوحيد واتباع أهل الشرك, وساعون في قتالهم, ويتعذر عليه ترك وطنه, ويشق عليه, فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ويجاهد بماله ونفسه, فهذا أيضا كافر, فإنهم لو يأمرونه بترك صوم رمضان, ولا يمكنه ترك الصيام بمخالفتهم فعل, وموافقته على الجهاد معهم بنفسه وماله, مع أنهم يريدون بذلك قطع دين الله ورسوله, أكبر من ذلك بكثير, فهذا أيضا كافر, وهو ممن قال الله فيه {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} . وهؤلاء الذين نكفرهم لا غير.
وأما القول بأنا نكفر الناس عموما, ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه, وأنا نكفر من لم يكفر ولم يقاتل ومثل هذا وأضعاف أضعافه, فكل هذا من الكذب والبهتان, الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله.
وإذا كنا لا نكفر من عبد القبور من العوام لأجل جهلهم, وعدم من ينبههم1 فكيف نكفر من لم يشرك بالله, إذا لم يهاجر إلينا, أو لم يكفر ويقاتل {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}
فقد ذكرنا لك –أيها السائل- ما يكشف عنك غطاءك, لو كان لك بصر ثاقب وفكر سديد, وفطنة كافية, تأخذ بيدك من أوهام الحيرة, وظلمات الوساوس, والله ولي التوفيق.