ثم جاءت الجيوش الإسلامية من مصر، ففرَّقوا عساكر الصليبيين، ونصر الله أهل طاعته، وخذل المنافقين، ونجّى الله الشيخ من كيد الشيطان وحزبه، ودخل مصر (?) آمناً.
- نصحه للملوك: دخل سلطان العلماء العز بن عبد السلام يوم العيد القلعة، والسلطان نجم الدين أيوب بن الكامل في زينته، وجنوده بين يديه، وأمراء الدولة تقبَّل الأرض له؛ فالتفت سلطان العلماء إليه منادياً باسمه المجرَّد: يا أيُّوبُ؛ ما حُجَّتُك عند الله، إذا قال لك: ألم أُبَوَّئ لك مصر، تبيح الخمور؟ فتجاهل أيوب حقيقة السؤال تجاهل العارف وتنمُّرَ المريب قائلاً: هل جرى هذا؟ فرفع الشيخ عز الدين بن عبد السلام صوته: نعم، الحانة الفلانية يُباع فيها الخمور، وغيرها من المنكرات وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة. فقال: سَّيدي هذا أنا ما عملته، هذا من زمن أبي، فأجابه الشيخ عز الدين: أنت من الذين يقولون: "إنا وجدنا آباءنا على أمة ويتسلل الرعب إلى نفس السلطان؛ فيرسم بإبطال بتلك الحانة وبدأ الناس يتساءلون عن سر هذه الجرأة ويوجَّه هذا الاستغراب والتساؤل إلى سلطان العلماء على لسان تلميذه الباجي:
يا سيدي؛ كيف الحال؟ فقال الشيخ – رحمه الله: يا بني رأيته في تلك العظمة، فأردت أن أهينهُ، لئلا تكبر نفسه، فتؤذيه فقال تلميذه، أما خفته؟ قال الشيخ والله يا بني، استحضرت هيبة الله، فصار السلطان قدَّامي كالقط (?).