أ- وقد تأثر القرافي بالعز من خلال الموازنات الفقهية التي عقدها القرافي في الذخيرة بين المذهبين المالكي والشافعي، وحتى في كتابه الفروق، وكان منهج الإمام العزّ الذي تتلمذ على يديه عدد كبير من الطلبة مع اختلاف مدارسهم الفقهية، عدم الإنسلاخ عن مذاهبهم التي يتمذهبون بها والأخذ بمذهبه الشافعي، بقدر ما كان يحاول رسم الطريق والمنهج في التعامل مع الأحكام الشرعية، والنصوص استنباطا واجتهاداً وتعليلاً.
ب- التفريق بين القواعد الفقهية: فكرة التفريق بين القواعد الفقهية أخذها القرافي من العز بن عبد السلام - رحهمها الله - حيث يذكر في ثنايا كتابه "قواعد الأحكام" فروقاً بين الفروع الفقهية المتشابهة في الظاهر ولكن بينهما وجه مفارقة ومثاله: من سقى الأشجار بماء مغصوب من حين غرسها حين بسَقَت ضَمِن الماء بمثله، ولاحقَّ لمالكه فيما استحال إلى صفات الأشجار لأنه صار ملكاً لصاحب الشجرة، كما صار الغذاء ملكا لصاحب الحيوان لمَّا تعذر وصول مالكه إليه .. حتى قال: فإن قيل: كيف يملك الغاصب ذلك بتعدَّيه بسقي الماء المغصوب للشجر، وإطعام الطعام المغصوب للحيوان، ومن مذهب الشافعي رحمه الله - أن الغاصب لو أتلف أكثر منافع المغصوب لم يملكه؟ قلنا: الفرق بينهما إمكان الرَدَّ إذا أُتلف معظم منافع المغضوب، وتعذر الردَّ ههنا مع حدوث المالية فيما بقي بقوى الأشجار والحيوان، المختصين بملك الغاصب (?).