3 - جهاد العز بن عبد السلام: نال الشيخ العز بن عبد السلام شرف الجهاد وكان يدعو إليه ويكتبه في كتبه ورسائله، وهو القائل في رسالة الاعتقاد: الجهاد ضربان، ضرب بالجدل والبيان وضرب بالسيف والسنان .. ولكن قد أمرنا الله بالجهاد في نصرة دينه، إلا أن سلاح العالم علمه ولسانه، كما أن سلاح الملك سيفه وسنانه، فكما لا يجوز للملوك إغماد أسلحتهم عن الملحدين والمشركين، لا يجوز للعلماء إعتماد أسلحتهم عن الزائغين والمبتدعين، فمن ناضل عن الله، وأظهر دين الله كان جديراً أن يحرسه الله بعينه التي لا تنام ويُعزَِّه بعزّه الذي لايضام ويحوطه بركنه الذي لا يُرام، ويحفظه من جميع الأنام وعلى الجملة ينبغي لكل عالم إذا أذل الحق، وأخمد الصواب أن يبذل جُهده في نصرهما وأن يجعل نفسه بالذل والخمول أولى منهما .. والمخاطرة بالنفوس مشروعة في إعزاز الدين، ولذلك يجوز للبطل من المسلمين أن ينغمر في صفوف المشركين وكذلك المخاطرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة قواعد الدين بالحجج والبراهين مشروعة (?) وقام العز بجهاد العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعرّض نفسه للمخاطر الشديدة، والأهوال العجيبة، كما مرّ معنا – وعزل بسبب ذلك، وكان مجاهداً جرئياً، ومناظراً قوياً، ومدافعاً صلباً عن دين الله وشرعه، مطبقاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رأوه أبو الوليد عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العُسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى أن نقول الحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم (?)