المبحث الأول
توحيد الربوبية
عرف ابن سعدي هذا النوع من التوحيد فقال:
"هو اعتقاد أن الله سبحانه هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير، وإنه المحيي المميت النافع الضار المتفرد بإجابة الدعاء عند الأضرار، الذي له الأمر كله وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء ليس له في ذلك شريك، وأنه الذي ربى جميع خلقه بالنعم، وربى خواص خلقه وهم الأنبياء وأتباعهم بالعقائد الصحيحة، والأخلاق الحميدة والعلوم النافعة والأعمال الصالحة. وهداهم إلى تحقيق عبادته وطاعته وهذه التربية هي النافعة المثمرة للسعادة في الدنيا والآخرة"1.
وعرف الرب بأنه المربي لجميع العالمين وهم من سوى الله، بخلقه إياهم وإنعامه عليهم بأنواع النعم التي لو فقدوها لما أمكنهم الحياة والبقاء على وجه الأرض2.
وما ذكره من معاني وتوضيح لتوحيد الربوبية ولمعنى الرب، قد دلت عليه نصوص كثيرة في القرآن الكريم، فقد أوضح الله في كتابه في غير آية أنه الرزاق المدبر المنعم القادر على كل شيء المتصرف في شئون خلقه كلها إلى غير ذلك من معاني الربوبية.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} 3.
وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} 4 وقال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 5.