الفصل الرابع: تعريف الإيمان وما يتعلق به من مسائل
يشتمل هذا الفصل على أمور كثيرة تتعلق بالإيمان: تعريفه والعلاقة بينه وبين الإسلام، وزيادة الإيمان ونقصانه، وحكم الاستثناء في الإيمان، وحكم مرتكب الكبيرة.
وقبل الشروع في تعريف الإيمان وما يتعلق به من مسائل، أرى من المناسب أن أتكلم باختصار عن أهميته فأقول:
لا يخفى أن للإيمان أهمية بالغة إذ هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأهل الجنة وأهل النار، وهو الذي إذا كان مع العبد قبلت أعمال الخير منه، وإذا عدم منه لم يقبل له صرف ولا عدل ولا فرض ولا نفل فالإيمان الصحيح المقرون بالعمل الصالح عنوان على سعادة صاحبه وأنه من أهل الرحمن ومن الصالحين من عباد الله.
قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} 1.
وقال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} 2.
وأهمية الشيء تظهر بمعرفة فوائده وثماره، وقد عقد ابن سعدي في خلاصة التفسير فصلاً خاصاً بثمرات الإيمان ـ ذكر تحته جملة كبيرة من ثمرات الإيمان وفوائده.
قال فيه "اعلم أن خير الدنيا والآخرة من ثمرات الإيمان الصحيح، وبه يحي العبد حياة طيبة في الدارين، وبه ينجو من المكاره والشرور، وبه تخف الشدائد وتدرك جميع المطالب، ولنشر إلى هذه الثمرات على وجه التفصيل فإن معرفة فوائد الإيمان وثمراته من أكبر الدواعي إلى التزود منه.