وبين رحمه الله أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي العلامة الواضحة على صدق محبته، فقال عند تفسيره لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} 1.

"هذه الآية هي الميزان التي يعرف بها من أحب الله حقيقة ومن ادعى ذلك دعوى، فعلامة محبة الله اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جعل متابعته وجميع ما يدعو إليه طريقاً إلى محبته ورضوانه، فلا تنال محبة الله ورضوانه وثوابه إلا بتصديق ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما فمن فعل ذلك أحبه الله وجازاه جزاء المحبين، وغفر له ذنوبه وستر عليه عيوبه.

فكأنه قيل ومع ذلك فما حقيقة اتباع الرسول وصفتها؟

فأجاب بقوله: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} 2. بامتثال الأمر واجتناب النهي وتصديق الخبر: "فإن تولوا" عن ذلك فهذا هو الكفر والله لا يحب الكافرين"3.

وبين رحمه الله أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته من تمام النصيحة له فقال في بيان معنى النصحية للرسول صلى الله عليه وسلم:

"والنصحية للرسول: هي كمال الإيمان به ومحبته وطاعته واتباعه، وتقديم قوله وهديه وسيرته على كل قول وهدى وسيرة ونصر ما جاء به"4.

بيانه أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم مقررة في القرآن بطريق متعددة

ذكر ابن سعدي في كتابه القواعد الحسان جملة من القواعد المتعلقة بتفسير القرآن الكريم، وذكر من جملة هذه القواعد قاعدة جليلة تتعلق بالأساليب المختلفة والطرق المتنوعة التي ذكرها الله في كتابه لتقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. قال رحمه الله: "هذا الأصل الكبيير قرره الله في كتابه بالطرق المتنوعة التي يعرف بها كمال صدقه صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه صدق المرسلين، ودعا إلى ما دعوا إليه، وأن جميع المحاسن التي في الأنبياء في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما نزهوا عنه من النقائص والعيوب فرسولنا محمد أولاهم وأحقهم بهذا التنزيه.

وأن شريعته مهيمنة على جميع الشرائع، وكتابه مهيمن على كل الكتب، فجميع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015