وقال عند تفسيره لقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 1. "أي: امش أيها الرسول الكريم خلف هؤلاء الأنبياء الأخيار واتبع ملتهم وقد امتثل صلى الله عليه وسلم، فاهتدى بهدى الرسل قبله وجمع كل كمال فيهم. فاجتمعت لديه فضائل وخصائص، فاق بها جميع العالمين، وكان سيد المرسلين وإمام المتقين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

وبهذا الملحظ استدل بهذا من استدل من الصحابة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل كلهم2.

وأعظم بيان لذلك وأوضح دليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع"3.

بيانه أن الأنبياء جميعهم مقرون بنبوته:

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} 4.

قال ابن سعدي في تفسير هذه الآية: "هذا إخبار منه تعالى أنه أخذ عهد النبيين وميثاقهم كلهم، بسبب ما أعطاهم ومن به عليهم من الكتاب والحكمة، والمقتضي للقيام التام بحق الله وتوفيقه أنه أن جاءهم رسول مصدق لما معهم، بما بعثوا به من التوحيد والحق والقسط والأصول التي اتفقت عليها شرائع أنهم يؤمنون به وينصرونه.

فأقروا على ذلك واعترفوا والتزموا وأشهدهم وشهد عليهم وتوعد من خالف هذا الميثاق، وهذا أمر عام بين الأنبياء جميعهم طريقهم واحد، وأن دعوة كل واحد منهم قد اتفقوا وتعاقدوا عليها.

وعموم ذلك، أنه أخذ على جميعهم الميثاق بالإيمان والنصرة لمحمد صلى الله عليه وسلم ... "5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015