وأصبح على إلمام واسع بشئون البيئة التي تحيط به وعلى جانب كبير في الإدراك بأحوال الوسط الذي يعيش فيه وعلى معرفة واسعة بالأحداث القبلية وتاريخ وقائعها وتوسع في معرفة الأنساب والارتباطات التي تصل هذه القبائل بعضها ببعض، وبتقاليدها، وعاداتها، ومواقعها، وتعلم من بيئته التي نشأ فيها وسائل فض الخصومات البدوية ومايتطلبه الموقف من آراء ونظريات، كما أنه أصبح خبير بمسالك الصحراء وبالطرق التي كان يجتازها من برقة إلى مصر والسودان في الخارج وإلى الجغبوب والكفرة من الداخل، وكان يعرف أنواع النباتات وخصائصها على مختلف أنواعها في برقة، وكان على دراية بالأدواء التي تصيب الماشية ببرقة ومعرفة بطرق علاجها نتيجة للتجارب المتوارثة عند البدو وهي اختبارات مكتسبة عن طريق التجربة الطويلة، والملاحظة الدقيقة، وكان يعرف سمة كل قبيلة، وهي السمات التي توضع على الإبل والأغنام والأبقار لوضوح ملكيتها لأصحابها، فهذه المعلومات تدل على ذكاء عمر المختار وفطنته منذ شبابه (?).

ثانياً: وصف عمر المختار:

كان عمر المختار متوسط القامة يميل إلى الطول قليلاً، ولم يكن بالبدين الممتلئ أو النحيف الفارغ، أجش الصوت بدوي اللهجة، رصين المنطق، صريح العبارة، لايمل حديثه، متزن في كلامه، تفتر ثناياه أثناء الحديث عن ابتسامة بريئة، أو ضحكة هادئة إذا ما اقتضاها الموقف، كثيف اللحية وقد أرسلها منذ صغره، تبدو عليه صفات الوقار والجدية في العمل، والتعقل في الكلام والثبات عند المبدأ وقد أخذت هذه الصفات تتقدم معه بتقدم السن (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015