وفضلاً عن ذلك فقد أصر المختار على عدم حدوث أي اتفاق بينه وبين الحكومة الإيطالية إلا إذا حضر مندوب عن الحكومة المصرية وآخر عن الحكومة السنوسية كدليل على رغبة الطرفين الصادقة في الاتفاق بصورة قاطعة ولكن دودياشي اعترض على هذا الطلب، وقال بأن الطليان معروفين بوفائهم للعهود وحفظهم للمواثيق، فرد عليه عمر المختار وذكر مافعله الجنرال متزتي بقبيلة العبيدات، وهي من القبائل التي سالمت الطليان، عندما اغتصب هؤلاء كل ماتمتلكه هذه القبيلة حتى انهم نزعوا حلي النساء من آذانهن، وذكر مافعله لويللو مع أسرة إبراهيم من قبيلة العواقير، وقد سالم هؤلاء الطليان كذلك، فأخذ لويللو منهم أربعين رجلاً قتلهم رمياً بالرصاص ثم جعل السيارات تمر على جثثهم (فما زالت السيارات تدهسهم ذهاباً وإياباً حتى اختلطوا بالتراب وتدخل بعض الحاضرون لتهدئة الموقف وتمسك المختار بحقوق الحركة السنوسية وزعامتها وأصر على أن يكون للقطر البرقاوي الطرابلسي نفس الامتيازات التي تتمتع بها جاراته مصر وتونس وكان عمر المختار وحده هو الذي يتحدث، وأما سائر المجاهدين فقد صمتوا ثم قرر الذهاب إلى معسكره وقال إذا أراد المتصرف دودياشي الحديث فإن موعد ذلك جلسة أخرى، وبعد أيام اتصل علي العبيدي بالسيد عمر، وقبل عمر المختار استئناف المفاوضة، فعقد اجتماع آخر في يوم 7 يونيه حضره دودياشي وباريلا ثم سيشلياني الذي جاء الاجتماع موفد من قبل الماريشال بادوليو بغية الوصول إلى اتفاق حاسم مع العرب، وجدد الطليان عروضهم القديمة وتمسك المختار بمطالبه، وأصر على حضور مندوبين من قبل الحكومتين المصرية والتونسية ووعد سيشلياني بأن يحمل مطالب المختار إلى بادوليو.