إن عبد الحميد العبار قد امد الله في عمره وقد شاهدته مرات عديدة وأنا طفل لم اتجاوز الرابعة عشر وكنت أراه كل يوم بعد صلاة الفجر امام بيته في الحي الذي كنت أسكن فيه بمدينة بنغازي والذي يسمى مدينة الحدائق بقرب مسجد السيد بالقاسم احمد الشريف السنوسي المعروف بمسجد الأنصار وكان منظره وهو يتلو كتاب الله وقد تقدمت به السن مؤثراً في نفسي وبلادنا في تلك الفترة عمّها الفساد وماكنا نرى ونحن اطفالاً من يحافظ على تلاوة القرآن الكريم بالكيفية المذكورة وأخبرت والدي عن ذلك الذي اسر قلبي بتلاوته القرآن الكريم فقال لي يابني ذاك الشيخ عبد الحميد العبار من كبار المجاهدين وبدأت جدتي وهي من قبائل برقة من قبيلة الدرسة وقد كانت ضمن المعتقلين بمعتقل المقرون تسرد لي أموراً عجيبة عن جهاده وفروسيته وشجاعته ونجدته ولازالت صورته في ذهني الى وقت كتابتي هذه وعندما توفى رحمه الله كانت لوفاته مأتم مشهود وحضرت جموع غفيرة من شرق البلاد وغربها واستمر المأتم اياماً عديدة فرحمة الله على أولئك الأبطال.