وايا كان الأمر فإن جملة المصادر تذهب إلى أن الجزيرة العربية عامة ونجدا بصفة خاصة سلخت القرون المتأخرة والمنتهية بظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب في جهالة جهلاء حتى أصبحت " موطنا للجور والظلم ومسرحا للحروب والقتال والنهب والسلب." (?) بحيث يمكن القول أنها بلغت من
التدني أحط الدركات حتى لتبدو في جاهليتها الأولى أقل سواء مما آلت إليه، فقد تجرد القوم لا من فضائل الإسلام وقيمه العليا فحسب بل من سائر الفضائل والقيم حتى ما كان منها فطريا مورثا في جبلة العرب وطبائعهم لكأن العرب إذ انطلقوا مع الفتح الإسلامي الأول مسارعين إليه" بين محتسب وطامع." (?) لم يدعوا قيمة خلقية أو نفسية إلا واستودعها رجالهم وخلفوا الجزيرة العربية موطنا للعاجزين ممن قعد بهم عن الجهاد ضعف الإيمان أو ضعف الهمة وضعفهما معا ممن عناهم الله تعالى بقوله: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . (?) وسرعان ما بدت الأجيال التالية لهؤلاء القاعدين اكثر عجزا عن أن تسمو إلى استيعاب حقائق الإسلام والنهوض بتكاليفه. ثم أضيف إلى ذلك العناصر الممتازة التي غادرت الجزيرة تحت ألوية الفتح لم تلبث أن نسبت وطنها الأول بالتدريج" وعادت