أن أحدا من هدمة على كثرتهم لم ينسب إليه أن اغتنم هذا الجهاد غنائم لنفسه وولده، ولم يبتغ به علوا في الأرض ولا فساد بدليل أن من كان يأتيه من خصومه مؤمنا بالله ورسوله بعد شدة العداوة له لم يكد يجد منه إلا الصفح والعفو" ولم يكن أحب إليه من أن يأتيه أحدهم المعذرة فيبادره المغفرة ولم يعامل أحدا بالإساءة بعد أن غلب وظهر "1

ولو أن خصومة كما يقول ابن غنام "لو مكنهم الله منه لقطعوا أوصاله وأوقعوا به أقبح المثلة والنكال"2

ومسلك ابن عبد الوهاب حيال خصومة على هذا النحو هو التطبيق السليم لمضمون الجهاد في الإسلام فالمجاهد في سبيل الله يمتلئ عداوة للكافرين وغلظة عملا بقوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} 3ولكن مع هذا العداء والغلظة جندي عقيدة لا يحارب لمغنم أو جاه فحالما يلتقى معه عدوة في رحاب العقيدة يلبس له لباس الود الصادق والمؤاخاة الكاملة {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} 4وبهذا يتفرد الجهاد في سبيل الله عن الصراع المادي المرير الذي تقود إليه الأطماع والرغبة في امتلاك أوطان الغير واستعمارها فالمستعمرون يستولون على الأرض لاسترقاق أصحابها والمجاهدون يفتحون البلاد لخير العباد وهاهي آثار الاستعمار الصليبي في جنوب أفريقيا وروديسيا فرغم أن أهل البلاد الأصليين اعتنق غالبهم المسيحية فإن المستعمرين يعاملونهم بأبشع ألوان التفرقة العنصرية.

وصفوة القول أن محمد بن عبد الوهاب أحيا قاعدة الإسلام المثلى في إقامة المجتمع الإنساني على العقيدة ن وحقق في مجتمعه مفهوم الأخوة الإيمانية وواجه بهذا المجتمع المسلم على قلة أسبابه عدوان المعتدين بعقيدة الجهاد في سبيل الله فأثبت أنها عقيدة في الإسلام وركن من أركانه وأنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015