الخاتمة

لقد حرصنا في دراستنا هذه أن نبين أهمية الشورى وأساس مشروعيتها والتطبيقات العملية لها في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفي حياة الخلفاء الراشدين, وتطرقنا إلى إيجاد نماذج عملية عن الشورى في كافة مجالات الحياة مما يتبين معه أن أي عمل مشترك بين الجماعات إذا ما أردنا له النجاح فإنه لا بد وأن يقوم على مشاورة العقلاء وذوي الكفاءات والخبرات المتنوعة في الإدارة والسياسة والأمور الاجتماعية والعلمية والاقتصادية وكل ما يحتاج الإنسان في حياته في شتى المجالات, ففوائد الشورى أكثر من أن تحصر في وريقات لأنها هبة الله وأمره وهديه وشرعه, ولعل من أهم فوائد الشورى في مجراها الشرعي هو إصابة الحق في غالب أحوالها إذا عرضت بحرية تامة وأدلى كل مشير برأيه وحجته وكانت نيته صحيحة وهدفه الوصول إلى الحق, ومهما تجرد المستشارون عن الأهواء والغرائز والدوافع السيئة مع التوكل على الله فإنه لا شك بأن العواقب ستكون حميدة وسديدة بإذن الله لأن في تلاقح الأفكار وتكامل الثقة وتبادل الخبرة تتولد الكلمة الطيبة الصالحة, فضلاً عن كون ذلك فيه إشعار للمشاركين بالمسؤولية فيسعى الكل عند ذلك لتحقيق المصلحة ودرء المفسدة واستمرار الثقة بين المشير والمستشار والراعي والرعية وتقوي الصلة ويسود الاطمئنان وتتضيق هوة الخلاف ويحصل التلاحم والتعاون وتنحصر أسباب الخلاف عند وجوده مبكراً, وفي الشورى الاقتداء بنصوص الوحي وعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلف هذه الأمة, كما أن في تركها كل البلاء فضلاً عن فقد صفة من صفات المؤمنين.

ولعل القارئ يلمس أن ترك الشورى يفضي إلى اعتساف الأمور والوقوع في الخطأ وعدم الاستفادة من آراء الآخرين وخبراتهم, ناهيك عن أن كل ذلك يفضي إلى الجفاء والتقاطع والتسلط والاستبداد, وقد حرصنا على أن نأتي بشيء من التحليل في دراستنا وأن نورد النصوص موثقة معزوة إلى مراجعها, وأن نورد النظام الديمقراطي ونصوص القوانين على سبيل المقارنة مع إظهار فضل الشورى ومكانتها الرفيعة وبيان خصوصيتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015