المبحث الثاني
الشورى في الوظائف العامة
مما لا شك فيه شمولية الشورى للوظائف العامة لأنها من جملة الأمر الذي أرشد الله سبحانه وتعالى إلى التشاور فيه بقوله جل شأنه: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) (?) وقد امتدح الله المؤمنين الذين يتحلّون بالشورى في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَأهم يُنْفِقُونَ) (?).
فاستطلاع رأي الأمة فيمن ينوب عنها في أمر من الأمور العامة المتعلق بها بهدف التوصل إلى إدارة شؤون الأمة على الوجه الحسن هو من أهم الواجبات، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم) (?) , وقد كان من هديه صلى الله عليه وآله وسلم ألا يعطي الإمارة من سأله وحرص عليه، وإنما كان يأخذ بشورى المسلمين. ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: (لو كنت مؤمراً أحداً دون مشورة المؤمنين لأمرت ابن أم عبد) (?) ما ذلك إلا لأن التشاور يوصل إلى اختيار أفضل الأشخاص, ولأن بعض الناس بطبيعته يحرص على الإمارة والولاية ولا يقدّر ذلك بقدره، ولذلك ورد الترهيب في قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة) (?) وجاء في حديث آخر (يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) (?) , ما ذلك إلا لأن تولي الوظائف العامة لا تخلو من مخاطر ولأنها أمانة