والخلاصة في هذه النقطة هي أن الشورى يجب أن تكون ثقافة عامة وسلوكاً عاماً. وأن تكون خلقاً وأدباً , قبل أن تكون قانوناً ونظاماً , وإنما تنجح القوانين والأنظمة أو تفشل بقدر ماتحتها وما حولها من ثقافة تؤسس لها ثم تغذيها وتقويها , ثم تحميها وتمنع انتهاكتها , فإذا كانت هذه الثقافة سائدة وفاعلة في عموم المجتمع وعامة شؤونه ومرافقه نستطيع حينئذ أن نمضي قدماً في إقامة الشورى وتنظيمها على مستوى الدولة ومؤسساتها ومرافقها (?).
إن الشورى جزء من الدين , وجزء من الشريعة , وجزء من المنظومة الإسلامية المتكاملة , ولن تحقق هذه المنظومة أهدافها على الشكل الأكمل والأمثل إلا بتشغيل جميع أجزائها أو أنظمتها الجزئية وكما أن الاختلال في أي جزء ينعكس سلباً على فاعلية الأجزاء الأخرى , والعكس بالعكس أيضاً.
فالشورى حين يتم تطبيقها وممارستها ضمن منظومة من جنسها , وضمن أجواء ملائمة لها ومساعدة على حسن أدائها وتحقيق مقاصدها, هي غيرها حين تتم ممارستها في أجواء معاكسة أو معيقة أو غير مساعدة , ففي غياب الأخلاق وضوابطها فلا يستبعد أن يتحول النظام الشورى إلى مجرد أداة للصراعات والمناورات وميدانا للشد والجذب والجدل العقيم.