- وقد انتبه عدد من العلماء إلى وقوع هذه الآية الكريمة "وأمرهم شورى بينهم"، كصفة من ضمن صفات تعدُّ من المقومات والأركان الأساسية في الدين وهو ما يعني أنها واحدة من تلك الفرائض والأركان وقال تعالى "والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصَّلاة وأمرهم شورى بينهم وممّا رزقناهم ينفقون" يدل على جلالة موقع المشورة لذكره، لها مع الإيمان وإقامة الصلاة ويدل على أنهم مأمورون بها (?).
وقد وقعت خطاباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سياق قوله تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " (آل عمران، آية: 159).
وهذه الآية جاءت خطاباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته داعياً وهادياً، ومرشداً مربياً وأميراً قائداً، وهذا ما يقتضيه أن يكون رفيقاً بالناس متلطفاً معهم رحيما لهم عفواً، عنهم متسامحاً معهم، بل مستغفراً لهم في أخطائهم وذنوبهم ومستشيراً لهم مراعياً لآرائهم. وهذا الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم الله بمشاورة أصحابه هو أمر لكل من يقوم مقامة من الدعاة والقادة والأمراء، بل إن العلماء والمفسرين يعتبرون أن هؤلاء مأمورون من باب أولى وأحرى، فهم الأحوج إلى هذا الأمر وبفارق كبير جداً عن رسول الله.
ومن هنا عُدّت هذه الآية قاعدة كبرى في الحكم والإمارة وعلاقة الحاكم بالمحكومين، فالشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ومن لا يستثير أهل العلم والدين - وأهل التخصص في فنون العلوم - فعزله واجب وهذا ما لا خلاف فيه (?).