إن الشورى قيمة إنسانية مارستها الشعوب والقبائل والأمم والجماعات البشرية على مر تاريخها الطويل كل بطريقته الخاصة سواء في سهول سيبريا، أو أدغال إفريقيا، أو صحراء الجزيرة العربية أو هضاب آسيا، أو مروج أوروبا أو غيرها إلا أن الإسلام أضاف لها بعداً تعبدياً وجعلها من القيم الإنسانية الإسلامية الرفيعة ورتب على العمل بها ثواباً وعلى تركها عقاباً.
اعتاد العلماء والكتاب حين يتحدثون عن الشورى وأدلتها الشرعية أن يركزوا على الآيتين الكريمتين من سورتي الشورى وآل عمران وهما فعلاً آيتان مركزيتان في الموضوع سآتي - بعون الله تعالى - على ذكرهما وبيانهما إلا أنني أجعلهما المنتهى وليسس المبتدى (?).
وأبدا من قوله سبحانه: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" (البقرة, آية: 30 - 32).