ثمَّ قَالَ فِي مَوضِع آخر وَهُوَ الْبَاطِن عَن كل فهم إِلَّا عَن فهم من قَالَ إِن الْعَالم صورته وهويته
وَقَالَ من أَسْمَائِهِ الْحسنى الْعلي على من وَمَا ثمَّ إِلَّا هُوَ وَعَن مَاذَا وَمَا هُوَ إِلَّا هُوَ فَعَلُوهُ لنَفسِهِ وَهُوَ من حَيْثُ الْوُجُود عين الموجودات فالمسمى محدثات هِيَ الْعلية لذاتها وَلَيْسَت إِلَّا هُوَ إِلَى أَن قَالَ فَهُوَ عين مَا ظهر وَعين مَا بطن فِي حَال ظُهُوره وَمَا ثمَّ من يرَاهُ غَيره وَمَا ثمَّ من يبطن عَنهُ سواهُ فَهُوَ ظَاهر لنَفسِهِ بَاطِن عَنهُ وَهُوَ الْمُسَمّى أَبُو سعيد الخراز وَغير ذَلِك من أَسمَاء المحدثات
وَقَالَ الأثري الْحق يظْهر بِصِفَات المحدثات وَأخْبر بذلك عَن نَفسه وبصفات النَّقْص والذم أَلا ترى الْمَخْلُوق يظْهر بِصِفَات الْحق وَهِي من أَولهَا إِلَى آخرهَا صِفَات لَهُ وأمثال هَذَا الْكَلَام فَإِن صَاحب الفصوص وَأَمْثَاله مثل صَاحبه القونوي والتلمساني وَابْن سبعين والششتري وَابْن الفارض واتباعهم مَذْهَبهم الَّذِي هم عَلَيْهِ أَن الْوُجُود وَاحِد وهم يسمون أهل وحدة الْوُجُود وَيدعونَ التَّحْقِيق والعرفان وهم يجْعَلُونَ وجود الْخَالِق وجود الْمَخْلُوقَات وكل مَا تتصف بِهِ الْمَخْلُوقَات من حسن وقبح ومدح وذم إِنَّمَا اتّصف بِهِ عِنْدهم عين الْخَالِق وَلَيْسَ للخالق عِنْدهم وجود مباين لوُجُود الْمَخْلُوقَات مُنْفَصِل عَنْهَا أصلا بل عِنْدهم مَا ثمَّ غير الْخَالِق فَعبَّاد الْأَصْنَام لم يعبدوا غَيره لِأَنَّهُ مَا عِنْدهم لَهُ غير وَلِهَذَا جعلُوا قَوْله تَعَالَى {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} الْإِسْرَاء 23 أَي حكم أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه وَمَا حكم الله بِشَيْء إِلَّا وَقع إِذْ لَيْسَ عِنْدهم غَيره يتَصَوَّر عقلا فَكل عَابِد صنم إِنَّمَا يعبد الله وَلِهَذَا جعل صَاحب هَذَا الْكتاب عباد الْعجل مصيبين وَذكر أَن مُوسَى إِنَّمَا أنكر على هَارُون إِنْكَاره عَلَيْهِم عبَادَة الْعجل وَقَالَ كَانَ مُوسَى أعلم بِالْأَمر من هَارُون لِأَنَّهُ علم مَا عَبده أَصْحَاب الْعجل لعلمه أَن الله قضى أَن لَا يعبدوا إِلَّا إِيَّاه وَمَا حكم الله