كَانَ يَأْخُذ الْمسك فيمسح بِهِ رَأسه ولحيته قَالَ حجَّة الْإِسْلَام الْجَاهِل يظنّ أَن ذَلِك وَمَا يَجِيء فِي الحَدِيث بعده من حب التزين للنَّاس قِيَاسا على أَخْلَاق غَيره وتشبيها للْمَلَائكَة بالحدادين وهيهات فقد كَانَ مَأْمُورا بالدعوة وَكَانَ من وظائفه أَن يسْعَى فِي تَعْظِيم أَمر نَفسه فِي قُلُوبهم وتحسين صورته فِي أَعينهم لِئَلَّا تزدريه نُفُوسهم فينفرهم ذَلِك وَيتَعَلَّق المُنَافِقُونَ بِهِ فِي تنفيرهم وَهَذَا الْفِعْل وَاجِب على كل عَالم تصدى لدَعْوَة الْخلق إِلَى الْحق ع عَن سَلمَة ابْن الْأَكْوَع

464 - (كَانَ يَأْخُذ من لحيته من عرضهَا وطولها) ت عَن ابْن عَمْرو ض

كَانَ يَأْخُذ من لحيته من عرضهَا وطولها هَكَذَا فِي نسخ هَذَا الْجَامِع وَالَّذِي رَأَيْته فِي سِيَاق ابْن الْجَوْزِيّ للْحَدِيث كَانَ يَأْخُذ من لحيته من طولهَا وعرضها بِالسَّوِيَّةِ هَكَذَا سَاقه فَلَعَلَّ لفظ بِالسَّوِيَّةِ سقط من قلم الْمُؤلف وَذَلِكَ ليقرب من التدوير جَمِيع الجوانب لِأَن الِاعْتِدَال مَحْبُوب والطول المفرط قد يشوه الْخلقَة وَيُطلق أَلْسِنَة المغتابين فَلَعَلَّ ذَلِك مَنْدُوب مَا لم ينْتَه إِلَى تقصيص اللِّحْيَة وَجعلهَا طَاقَة فَإِنَّهُ مَكْرُوه وَكَانَ بعض السّلف يقبض على لحيته فَيَأْخُذ مَا تَحت القبضة وَقَالَ النَّخعِيّ عجبت للعاقل كَيفَ لَا يَأْخُذ من لحيته فيجعلها بَين لحيتين فَإِن التَّوَسُّط فِي كل شَيْء حسن وَلذَلِك قيل كلما طَالَتْ اللِّحْيَة تشمر الْعقل كَمَا حَكَاهُ الْغَزالِيّ فَفعل ذَلِك إِذا لم يقْصد الزِّينَة والتحسين لنَحْو النِّسَاء سنة كَمَا عَلَيْهِ جمع مِنْهُم عِيَاض وَغَيره لَكِن اخْتَار النَّوَوِيّ تَركهَا بِحَالِهَا مُطلقًا وَأما حلق الرَّأْس فَفِي الْمَوَاهِب لم يرو أَنه حلق رَأسه فِي غير نسك فتبقية شعر الرَّأْس سنة ومنكرها مَعَ علمه بذلك يجب تأديبه اه ثمَّ إِن فعله هَذَا لَا يُنَاقض قَوْله أعفوا اللحى لِأَن ذَلِك يُنَافِي الْأَخْذ مِنْهَا لغير حَاجَة أَو لنَحْو تزين وَهَذَا فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ لتشعث أَو إفراط طول يتَأَذَّى بِهِ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْمنْهِي عَنهُ هُوَ قصها كالأعاجم أَو وَصلهَا كذنب الْحمار وَقَالَ ابْن حجر الْمنْهِي عَنهُ الاستئصال أَو مَا قاربه بِخِلَاف الْأَخْذ الْمَذْكُور

تَتِمَّة قَالَ الْحسن بن الْمثنى إِذا رَأَيْت رجلا لَهُ لحية طَوِيلَة وَلم يتَّخذ لحيته بَين لحيتين كَانَ فِي عقله شَيْء وَكَانَ الْمَأْمُون جَالِسا مَعَ ندمائه مشرفا على دجلة يتذاكرون أَخْبَار النَّاس فَقَالَ الْمَأْمُون مَا طَالَتْ لحية إِنْسَان قطّ إِلَّا وَنقص من عقله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015