يسالوا عن الاربعة ولا ما فوقها لانه كالمعلوم عندهم إذ المصيبة إذا كثرت كان الاجر اعظم -والله اعلم-)) (?).
وأما قوله "اثنان" بعد ان سئل: واثنان؟ فهناك عدة احتمالات منها: ((أنه محمول على انه أُوحي اليه بذلك في الحال ولا غرابة في نزول الوحي بطرفة عين، ويتحمل ان يكون ذلك معلوماً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل السؤال ولكن خشي على المسلمين ان يتكلوا لأنّ موت الاثنين غالباً اكثر من الثلاثة ثم لما سئل عن ذلك لم يكن بُدٌّ من الجواب)) (?).
والذي يظهر لي انه - صلى الله عليه وسلم - لما قال "ثلاثة" كان يعني -ضمناً- الواحد والاثنين، لانه أُتي جوامع الكلم، وانما سأل الصحابة عن ذلك للتأكد والاطمئنان لعلهم يشملوا بهذا الفضل العظيم، ولو لم يبين لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الواحد والاثنين مشمولون لأصبحت هذه المسألة من المسائل الخلافية -الفقهية- التي لم يُفْصَلُ القول فيها، فرحم الله الاصحاب الكرام على سؤالهم.
وقد ناقش الحافظ إبن حجر والعلامة العيني، كون من مات له "واحد" هل يشمل ام لا؟ وقد ناقشوا الادلة مناقشة مشوقة ولولا خشية الاطالة لسقتها بطولها (?). ولكن اكتفي بنكتة لطيفة ذكرها الحافظ إبن حجر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله عز وجل ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قَبضتُ صَفيهُ من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)) (?). ثم قال: ((وهذا يدخل فيه الواحد فما فوق وهو اصح ما ورد في ذلك)) (?).
وقد نقل عن إبن التين والقاضي عياض انهما لم يعتبرا العدد شرطاً فقالا: ((هذا يدل على ان مفهوم العدد ليس بحجة لان الصحأبية من أهل اللسان ولم تعتبره إذ لو اعتبرته لأنتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة لكنها جوزت ذلك فسالته)) (?) ثم رد إبن حجر فقال:- ((والظاهر انها اعتبرت مفهوم العدد إذ لو لم تعتبره لم تسأل، والتحقيق أن دلالة