لابْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَدْ كَانَ زُهَّادُ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَثِيرِي الزَّوْجَاتِ وَالسَّرَارِي كَثِيرِي النِّكَاحِ، وَحُكِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ غَيْرُ شئ، وَقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزْبًا.

فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ النِّكَاحُ وَكَثْرَتُهُ مِنَ الفَضَائِلِ وَهَذَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَثْنَى الله تعالى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ حَصُورًا، فَكَيْفَ يُثْنِي اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ عَمَّا تَعُدُّهُ فَضِيلَةً وَهَذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَبَتَّل مِنَ النّسَاءِ وَلَوْ كان كما قررته لَنَكَحَ؟ فَاعْلَمْ أَنَّ ثَنَاءَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى يَحْيَى بِأَنَّهُ حَصُورٌ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ هَيُوبًا أَوْ لَا ذَكَرَ لَهُ بَلْ قَدْ أَنْكَرَ هَذَا حُذَّاقُ الْمُفَسِّرِينَ وَنُقَّادُ الْعُلَمَاءِ وَقَالُوا هَذِهِ نَقِيصَةٌ وَعَيْبٌ وَلَا يَلِيقُ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ

مَعْصُومٌ مِنَ الذُّنُوبِ أَيْ لَا يَأتِيهَا كَأَنَّهُ حُصِرَ عَنْهَا، وَقِيلَ مَانِعًا نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ، وَقِيلَ لَيْسَتْ لَهُ شَهْوَةٌ فِي النِّسَاءِ.

فَقَدْ بَانَ لَكَ مِنْ هَذَا أَنَّ عَدَمَ القُدْرَةِ عَلَى النِّكَاحِ نَقْصٌ وَإِنَّمَا الْفَضْلُ فِي كَوْنِهَا مَوْجُودَةً ثُمَّ قَمْعُهَا إِمَّا بِمُجَاهَدَةٍ كَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ بِكفَايَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كَيَحْيَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015