هو أحمد بن محمد بن محمد حسن بن علي بن يحيى بن محمد التقى السكندرى المولد القاهرى المنشأ الحنفي ويعرف بالشمنى بضم المعجمة والميم ثم نون مشددة نسبة لمزرعة ببلاد المغرب أو لقرية بها ولد في العشر الأخير من رمضان سنة إحدى وثمانمائة واشتغل أولا مالكيا ثم تحول حنفيا لكون البساطى فيما قيل قدم عليه بعض من هو دونه من رفقائه وبرع في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان والمنطق والصرف والهندسة والهيئة والحساب وسمع الحديث على جماعة وبحث على شيخنا دروسا من شرح ألفية العراقى ولازمه بعد والده فأحسن إليه وساعده في استخلاص مبلغ ممن وثب عليه في بعض وظائف أبيه وزاد إقبالا عليه حين وقع السؤال عن حكمة الترقي من الذرة إلى الحبة إلى الشعيرة في حديث ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلق فليخلقوا ذرة الحديث.
وأجاب التقى بديهة بأن صنع الأشياء الدقيقة فيه صعبوة والأمر بمعنى التعجيز فناسب التدلى من الأعلى إلى الأدنى فاستحسنه شيخنا فزاد في إكرامه والتعريف بفضيلة وتصدى للإقراء، وصنف حاشية على المغنى لخصها من حاشية الدماميني وزاد عليها أشياء نفيسة سماها المنصف من الكلام على مغنى ابن هشام، وتعليقا لطيفا في ضبط ألفاظ الشفاء لخصه من شرح البرهان الحلبي وأتى بتتمات يسيرة فيها تحقيقات دقيقة سماه (مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء) وغير ذلك وأقراء في العقليات بدون ملاحظة كراس ولا حاشية وقد اتفق دخول اثنين من فضلاء العجم الجمالية فوجداه يقرئ في المطول بدون كراس فجلسا عنده وبحثا معه واستشكلا عليه فلم ينقطع منهما بل أفحمهما بحيث امتلأت أعينهما من جلالته وصرحا بعد انفصالهما عنه لبعض أخصائه بأنهما لم يظنا أن في أبناء العرب من ينهض فحكاه للشيخ فتبسم وقال بذلك قد أقرأته اثنى عشر مرة بغير مطالعة وكان إماما علامة سنيا متين الديانة ممن ينسب إلى التصوف لم يتدنس بما يحط مقداره وقد عم النفع به حتى بقى جل الفضلاء من سائر المذاهب من اهل مصر بل وغيرها من تلامذته