إتْيَان الكبائر بِوجْه وَلَا الْجَوْر فِي الحكم عَلَى حَال وَلَكِن مَع هَذَا يَجِب ظُهُور تَوْقِيرِه وَتَعْظِيمِه وَتَعْزِيزِه عِنْد ذكره مُجَرّدًا فَكَيْف عِنْد ذَكَر مِثْل هذا وقد كَان السَّلَف تَظْهَر عَلَيْهِم حَالَات شَديدَة عِنْد مُجَرَّد ذِكْرِه كَمَا قَدَّمْنَاه فِي القسْم الثَّاني وَكَان بَعْضُهُم يَلْتَزِم مِثْل ذَلِك عِنْد تِلَاوَة آي مِن الْقُرْآن حَكَى اللَّه تَعَالَى فِيهَا مَقَال عِدَاه وَمِن كفر بآياته وَافْتَرَى عَلَيْه الكَذِب فَكَان يَخْفِض بِهَا صَوْتَه إعْظَامًا لِرَبَّه وَإجْلالا له وَإشْفَاقًا مِن التّشَبُّه بِمَن كَفَر بِه
قَد قَدَّمْنَا مَا هُو سَبّ وأذَى فِي حَقّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَذَكَرْنَا إجْمَاع الْعُلمَاء عَلَى قَتْل فاعِل ذَلِك وقائِلِه وتَخْيير الْإِمَام فِي قَتْلِه أَو صَلْبِه عَلَى مَا ذَكَرْنَاه وَقَرّرْنا الْحُجَج عَلَيْه وبعد فاعْلَم أَنّ مشْهُور مَذْهَب مَالِك وأصحابه وقوْل السَّلَف وجُمهُور الْعُلمَاء قَتْلُه حَدًّا لَا كُفْرًا إن أظْهَر التَّوْبَة مِنْه ولهذا لَا تُقْبَل عندهم توْبَتُه وَلَا تَنْفَعُه اسْتِقَالَتَه وَلَا فَيْأتُه كَمَا قَدَّمْنَاه قَبْل وَحُكْمه حُكْم الزَّنْدِيق وَمُسِرّ الكُفْر فِي هَذَا القَوْل وسواء كَانَت تَوْبَتُه عَلَى هَذَا بَعْد القُدْرَة عَلَيْه والشَّهادَة عَلَى قَوْله (أو جاء تائِبًا من قَبْل نفسه لِأَنَّه حَد وَجَب لَا تُسْقطُه التّوْبَة كَسَائِر الْحُدُود قَال الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن القابسيّ رَحِمَه اللَّه إذَا