قَوْلِه تَعَالَى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا سُنَّةَ اللَّهِ) الآيَة، قَال مَعْنَاه إذَا أظْهَرُوا النّفَاق، وَحَكى مُحَمَّد بن مَسْلَمَة فِي المَبْسُوط عَن زَيْد بن أسْلَم أَنّ قَوْلَه
تعالى (يا أيها النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) نَسَخَها مَا كَان قبلها وَقَال بَعْض مَشَايِخَنَا لَعَلّ القَائِل هَذِه قِسْمَة مَا أُرِيد بِهَا وَجْه اللَّه وَقَوْلُه أعْدِل لَم يَفْهَم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم منه اطعن عَلَيْه وَالتَّهَمَة لَه وَإِنَّمَا رَآهَا من وَجْه الغَلَط فِي الرَّأْي وَأُمُور الدُّنْيَا وَالاجْتِهَاد فِي مَصَالِح أهْلِهَا فَلَم يَر ذَلِك سَبًّا وَرَأى أنَّه مِن الأذَى الَّذِي لَه العَفْو عَنْه والصّبْر عَلَيْه فلذلك لَم يُعَاقِبْه وكَذَلِك يُقَال فِي اليَهُود إِذ قَالُوا السَّام عَلَيْكُم لَيْس فِيه صَرِيح سَبّ وَلَا دُعَاء إلَّا بِمَا لَا بُد مِنْه مِن الموت الَّذِي لَا بُد من لِحَاقِه جميع البَشَر وَقِيل بَل المراد؟ ؟ ؟ لون دِينَكُم وَالسّأْم وَالسّآمة المَلَال وَهَذَا دُعَاء عَلَى سَآمة الدين لَيْس بِصَريح سَبّ ولهذا تَرْجَم الْبُخَارِيّ عَلَى هَذَا الْحَدِيث (باب إذَا عَرَّض الذّمّيّ أَو غَيْرِه بِسَبّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم) قَال بَعْض عُلَمَائِنَا وَلَيْس هَذَا بِتَعْرِيض بالسّبّ وَإِنَّمَا هُو تَعْرِيض بالأذَى قَال الْقَاضِي أَبُو الْفَضْل قَد قَدَّمْنَا أَنّ الأذَى والسّبّ فِي حَقّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم سَوَاء وَقَال الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد بن نَصْر مُجيبًا عَن هَذَا الْحَدِيث ببعض مَا تقدم ثُمّ قَال ولم يذكر