بَعْضُهُمْ (وَيُعَزِّزُوهُ) بِزَاءَيْنِ مِنَ الْعِزِّ وَالْأَكْثَرُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ (وَيُسَبِّحُوهُ) فَهَذَا رَاجعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ جُمِعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ نِعَمٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنَ الْفَتْحِ الْمُبِينِ وَهِيَ مِنْ أَعْلامِ الإِجَابَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَهِيَ مِنْ أعْلَامِ الْمَحَبَّةِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ وَهِيَ مِنْ أعْلَامِ الاخْتِصَاصِ وَالْهِدَايَةِ وَهِيَ مِنْ أَعْلَامِ الْوِلَايَةِ فَالْمَغْفِرَةُ تَبْرِئَهٌ مِنَ الْعُيُوبِ وَتَمَامُ النِّعْمَةِ إِبْلَاغُ الدَّرَجَةِ الْكَامِلَةِ وَالْهِدَايَةُ وَهِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى الْمُشَاهَدَةِ: وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ تَمَامِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ أَنْ جَعَلَهُ حَبِيبَهُ وَأَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ وَنَسَخَ بِهِ شَرَائِعَ غَيْرِهِ وَعَرَجَ بِهِ إِلَى المَحَلِّ الأَعْلَى وَحَفَظَهُ فِي الْمِعْرَاجِ حَتَّى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى وَبَعَثَهُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَأَحَلَّ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ الْغَنَائِمَ وجعله شفعا مُشَفَّعًا وَسَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَقَرَنَ ذِكْرَهُ بِذِكْرِهِ وَرِضَاهُ بِرِضَاهُ وَجَعَلَهُ أحَدَ رُكْنَيِ التَّوْحِيدِ
ثُمَّ قَالَ (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) يَعْنِي بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ أَيْ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّاكَ (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أيديهم) يُرِيدُ عِنْدَ الْبَيْعَةِ قِيلَ قُوَّةُ اللَّهِ وَقِيلَ ثوابه وقيل مِنَّتُهُ وَقِيلَ عَقْدُهُ، وَهَذِهِ اسْتِعَارَاتٌ وَتَجْنِيسٌ فِي الْكَلَامِ وَتأْكِيدٌ لِعَقْدِ بَيْعَتِهمْ إِيَّاهُ وَعِظَمِ شَأْنِ الْمُبَايَعِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رمى) وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ