مِن القَوْل، والهُجْر بِضَمّ الْهَاء: الفُحْش فِي المَنْطِق وَقَد اخْتُلِف الْعُلمَاء فِي مَعْنَي هَذَا الْحَدِيث وَكَيْف اخْتَلَفُوا بَعْد أمْرِه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم أن يَأْتُوه بالكتَاب، فَقَال بَعْضُهُم أوَامِر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم يُفْهَم إيجَابُهَا من نَدْبِهَا من إباحَتِهَا بِقَرَائِن، فَلَعَلّ قَد ظَهَر من قَرَائِن قَوْلِه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لِبَعْضُهُم ما فهموا أنه لم تكن منه عزمة بل أمر رده إلى اختيارهم وبعضهم لَم يَفْهَم ذَلِك فَقَال: اسْتَفْهِمُوه، فَلَمّا اخْتَلَفُوا كَفّ عَنْه إِذ لَم يَكُن عَزْمَة ولما رَأَوْه من صَوَاب رَأْي عُمَر: ثُمّ هَؤْلَاء قَالُوا وَيَكُون امْتِنَاع عُمَر إِمَّا إشْفَاقًا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم من تَكْلِيفه فِي تِلْك الحَال إمْلَاء الْكِتَاب وأن تَدْخُل عَلَيْه مَشَقَّة من ذَلِك كَمَا قَال إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم اشْتَدّ بِه الْوَجَع، وَقِيل خَشِي عُمَر أَنّ يكْتُب أُمُورًا يَعْجَزُون عَنْهَا فَيَحْصَلُون فِي الحَرَج بالْمُخَالفَة وَرَأى أن الأرفق بِالْأُمَّة فِي تِلْك الأمور سِعَة الاجْتِهَاد وَحكْم النَّظَر وَطَلب الصَّوَاب فَيَكُون المُصِيب والْمُخِطِئ مَأْجُورًا، وَقَد علم عُمَر تقَرّر الشّرْع وَتَأْسِيس المِلّة وَأَنّ اللَّه تَعَالَى قَال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
دينكم) وَقَوْلُه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم (أُوِصيكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَعِتْرَتِي) وقوله عُمَرَ: حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ رَدَّ عَلَى ما نَازَعَهُ لَا عَلَى أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ عُمَرَ خَشِيَ تَطَرُّقَ المُنَافِقِين وَمِن فِي قَلْبه مَرَض لَمّا كُتِب فِي ذَلِك الْكِتَاب فِي الخَلْوَة وأن يَتَقَوَّلُوا فِي ذَلِك الأقاويل كادّعاء الرّافِضَة الوَصِيّة وَغَيْر ذَلِك، وَقِيل إنَّه كَان مِن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لَهُم عَلَى طَرِيق المَشْورَة وَالاخْتِبَار وهل يَتّفقُون عَلَى ذَلِك أم يختلفوا)