بالمكنون مِن إعلام اللَّه لَه بِمَا أطلعه عَلَيْه من سرائرهم وَهَذَا مَا لَا تَعْلَمُه الأمة فأَجْرَى اللَّه تَعَالَى أحْكامَه عَلَى ظَوَاهِرِهِم التي يَسْتَوي فِي ذَلِك هُو وَغَيْرُه مِن الْبَشَر ليُتِمّ اقْتَداء أمَّتَه بِه فِي تَعْيين قَضَايَاه وَتَنْزِيل أحْكامِه ويأْتُون ما أتَوْا من ذَلِك عَلَى عِلْم وَيَقِين من سُنّتِه، إِذ الْبَيَان بالْفِعْل أوْقَع مِنْه بالقَوْل وأرفع الاحتمال اللَّفْظ وتأويل المُتَأوَّل وَكَان حُكْمُه عَلَى الظَّاهِر أجْلى فِي البَيَان وَأوْضَح فِي وُجُوه الأحْكَام وَأكْثَر فائِدَة لِمُوجِبَات التَّشَاجُر والخِصَام وَلِيقْتَدِي بِذَلِك كله حُكَام أمَّتَه ويُسْتَوْثَق بِمَا يُؤْثَر عَنْه ويَنْضَبِط قَانُون شَرِيعتِه وَطيّ ذَلِك عَنْه من عِلْم الغَيْب الَّذِي اسْتَأْثَر بِه عَالِم الغَيْب فَلَا يُظْهِر عَلَى غَيْبِه أحَدًا إلَّا من ارْتَضَى من رَسُول فيعلمه مِنْه بما شاء ويستأثر بِمَا شَاء وَلَا يقدح هَذَا فِي نبوته وَلَا يفصم عُرْوَة من عصمته
فصل وَأَمَّا أقواله الدنيوية من أخباره عَن أحواله وأحوال غَيْرِه وَمَا يَفْعَلُه أَو فعله فَقَد قدمنا أَنّ الخُلْف فِيهَا ممتنع عَلَيْه فِي كُلّ حال وَعَلَى أي وجه من عمد أَو سهو أَو صحة أَو مرض أَو رَضِي أَو غضب وَأنَّه معصوم مِنْه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم.
هَذَا فِيمَا طريقه الخبر المحض مِمَّا يدخله الصدق والكذب فأما المعاريض الموهم ظاهرها خِلَاف باطنها فجائز ورودها مِنْه فِي الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة لَا سِيَّمَا لِقَصْد المَصْلَحَة كَتَوْريَته عَن وَجْه